التأخير الذى يكون على أنه فاعل معنى لإفادة التخصيص (أن لا يمنع من التخصيص مانع) من معنى الكلام فى مقام استعماله مثلا وإلا لم يرتكب فيه ذلك الوجه البعيد ؛ لأن الموجب له قصد التخصيص المصحح للابتداء على ما سنقرر فيه من البحث ، وذلك (كقولك رجل جاءنى على ما مر) من أنه يجوز أن يكون لتخصيص الجنس فيكون معناه رجل جاءنى لا امرأة أو الإفراد فيكون معناه رجل جاءنى لا رجلان مثلا ، فهذا المثال ونحوه لا مانع فيه من التخصيص (دون قولهم شر أهر ذا ناب) فإن فيه مانعا من التخصيص (أما) المانع من التخصيص (على التقدير الأول) وهو إرادة تخصيص الجنس (ف) لانتفاء فائدته للعلم به من كل عاقل فلا يرده أحد (لامتناع أن يراد المهر) أى : الحامل للكلب ، وهو ذو الناب على الهرير (شر لا خير) إذ من المعلوم أنه لا يهره إلا الشر دون الخير ، والحصر لا يكون إلا فيما يمكن فيه الإنكار دون المعلوم لكل أحد ، وفيه نظر ؛ لأن التخصيص قد يكون فى المنزل منزلة المجهول ، وقد يكون لمجرد التأكيد (وأما) المانع (على) التقدير (الثانى ف) مقام استعماله إذ لا يستعمل هذا الكلام فى مقام تخصيص الوحدة (لنبوه) أى : لارتفاع تخصيص الوحدة وبعده (عن مظان استعماله) أى : عن مواضع استعمال هذا الكلام ، فإنه لو استعمل فيه كان معناه المهر شر واحد لا شران ، فيكون كلاما مقتضيا للتراخى فى اتخاذ الحذر من مهر الكلب ، حيث كان شرا واحدا لا شرين ، وهذا الكلام أصله أن يستعمل للأخذ بالحزم فى الحذر والتهيؤ للتحافظ فلا يستعمل فى معنى شر لا شرين ، ولو كان هذا المعنى مما يمكن أن يجهل لكن ليس مما يمكن أن يقصد ؛ لأن الغرض جنس الشر الصادق بالقليل والكثير لا إفراده وإلا كان ذكر الفرد الواحد مفترا عن الحذر ، كما ذكرنا ، وهو ظاهر هذا إذا أريد هريرة مخصوصة ، وهى هريرة تكون عند رؤية الكلب ما يعاديه على قرب ساحة أربابه وتكون مقدمة لنباحه ، وأما إذا أريد الهريرة التى هى صوته لبرد أصابه ، وإذاية نالته عند عجزه عن دفاعهما ، كما قيل إن ذلك معناها لغة ، فالعلم بأنها شر باعتبار الكلب أمر ضرورى ، فيكون المانع حينئذ كما تقدم فى الوجه الأول وقد تقدم ما فيه ، وعلى كلا الاحتمالين فهو كلام يضرب مثلا لوجود دليل الشر.