التركيب إلا ذلك التخصيص المتوقف على تقدير كونه مؤخرا على أنه فاعل معنى (بخلاف المعرف) المخبر عنه بالفعل ؛ فإنه يجوز وقوعه مبتدأ من غير رعاية التخصيص المتوقف على ذلك الوجه البعيد الذى هو تقدير كونه مؤخرا على أنه فاعل معنى بإجرائه على طريق وأسروا النجوى الذين ظلموا كما تقدم ، فلزم رعاية ذلك الوجه البعيد فى المنكر ؛ ليصح الابتداء به دون المعرف لصحة الابتداء به دون ذلك ، ومعنى جعل المنكر من هذا الباب أن قول القائل رجل جاءنى مثلا يقدر فيه أن الأصل جاءنى رجل على أن رجلا فاعل معنى بجعله بدلا من الضمير المقدر استتاره فى جاء كما أن الذين ظلموا على ذلك القول بدل من الضمير فى أسروا ، وهو فاعل معنى لكونه بدلا من الفاعل الحقيقى ثم يجب أن يعلم أن مراده أن هذا التركيب أعنى رجل جاءنى بعد وجوده على هيئته يقدر أن الأصل فيه كون رجل مؤخرا على أنه فاعل معنى كما تقدر المستحيلات لا أنه يقع مؤخرا على أنه فاعل معنى فقط إذ لا قائل بأن رجلا فى نحو جاءنى رجل فاعل معنى والإلزام إبراز الضمير فى نحو رجلان جاءا ، ورجال جاءوا عند التأخير بأن يقال جاآنى رجلان ، وجاءونى رجال ، ولا قائل بوجوب الإبراز إلا على لغة أكلونى البراغيث ، وهذا التقدير ولو انتفى به ما يتوهم من جواز وقوع تأخيره على أنه فاعل معنى فقط لكن يرد عليه أن التخصيص إن كان يستفاد بتقدير المحال الذى لا يوجد أصلا فلا مانع من اعتباره فى المعرف عند عروض مقام إرادة التخصيص ، والتفريق بين المنكر والمعرف بأن المنكر يفتقر فى الابتداء به إلى هذا التقدير المفيد للتخصيص لا يوجب منع التقدير فى المعرف ؛ لأن المحوج فى الحقيقة إلى ذلك التقدير فى المنكر إنما هو كون المقام مقام الابتداء المفيد للتخصيص ، والمعرف ، والمنكر فيه سواء فليتأمل.
ثم لما اقتضى جعل المنكر عند الابتداء به منخرطا فى سلك ما يكون مقدما عن الفاعلية المعنوية كون كل منكر مخبر عنه بالفعل للتخصيص ، وعند السكاكى أن بعض الجزئيات منه خارجة عن ذلك لمانع أشار إلى تقييد السكاكى بنفى المانع بقوله (ثم قال) أى : السكاكى (وشرطه) أى : وشرط كون المنكر المسند إليه الفعل مقدر التقديم عن