الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ)(١) إن البيت الحرام عطف بيان للمدح لا للبيان ؛ لأن الكعبة أظهر من نار على علم ، وإنما كان للمدح لأن فيه دلالة على أن هذا البيت موصوف بالحرمة ، ومنعوت بتعظيم الاحترام والمنع من كل امتهان وانتهاك ، وإنما جعل عطف بيان ؛ لأن البيت ليس مشتقا ولكن هذا الوجه ينافى قولهم فى تفسير عطف البيان : هو الذى يوضح متبوعه إلا أن يراد أن ذلك أصله.
الإبدال من المسند إليه وغرض ذلك
(وأما الإبدال منه فلزيادة التقرير) أى : يبدل من المسند إليه ليزاد على الغرض الذى يستعمل له الكلام تقرير أو للزيادة التى هى التقرير فالإضافة على الأول على أصلها وهى من إضافة المصدر إلى المفعول ، وعلى الثانى بيانية ، وعلى كل حال ففى الكلام على هذا التقرير إيماء إلى أن المقصود الأصلى من البدل النسبة ، وقصد التقرير للمسند إليه زيادة على ذلك ، وللإشارة لهذا المعنى عبر صاحب المفتاح فى التأكيد بالتقرير وهنا بزيادة التقرير ، وإنما أفاد التقرير ؛ لأن مصدوق البدل والمبدل واحد ، ولو اختلف مفهومهما على ما يأتى إن كان مطابقة وإن كان بعضا أو اشتمالا فقد ذكر أولا المعنى كلا أو إجمالا ثم ذكر بعضا أو تفصيلا ثانيا فتقرر من هذا أن البدل مقصود بالحكم قيل إنه هو المقصود حقيقة ، والمبدل منه واسطة ووصلة له وفيه شيء ؛ لأنه يلزم أن يكون المقرر هو الثانى لا الأول الذى هو المسند إليه ؛ لأن ما أتى به لغيره فهو تابع مقرر لغيره والواقع فى نفس الأمر العكس فإن البدل هو المقرر للمبدل منه ، وجوابه أن المراد أن الثانى هو الذى تمت به فائدة الكلام وحصل به تمام الغرض ، فصار كأنه المقصود حقيقة حيث لم يتم المراد إلا به لأنه هو المقصود بالذات حتى يكون الأول مقررا له ، بل هو المقرر للأول ويدل على ذلك أن الكلام قد يكون بحيث لا يصح رفض الأول ولا يتم المعنى إلا به ، وبهذا يعلم أن معنى قولهم : المبدل منه فى نية الطرح أنه فى نية الطرح عن القصد الذى يتم به الغرض ، لا أنه مرفوض بالكلية فإن قيل هذا يقتضى أنهما معا مقصودان بالحكم والبدل يدل على المعنى المراد بالمبدل منه ، ولا معنى
__________________
(١) المائدة : ٩٧.