هو مستند عدم الشمول ذكر للتنصيص على أعيان المسائل فى قصد البليغ ، ولا يذهب عنك ما تقدم من أن أمثال هذه الأشياء ولو كانت ذكرت فى النحو تفسيرا تذكر هنا لمراعاة مناسبة المقام فافهم.
وأورد هنا أن التأكيد بكل يفيد قصد الإحاطة فى دلالة اللفظ المؤكد وإذا كان المجاز فى نسبة الحكم إلى ذلك الكل صح مع ذلك التأكيد فلا يدفع التأكيد بكل ذلك التجوز فإنك إذا قلت : كلكم فعلتم كذا تعنى : حيث أعنتم عليه صح هذا التجوز فى النسبة مع وجود مدلول كل فتأمله.
بيان المسند إليه
(وأما بيانه) أى : وأما إيراد عطف البيان للمسند إليه (فلإيضاحه) أى : لإيضاح المسند إليه (باسم مختص به) أى بالمسند إليه أعنى بمصدوقه ، سواء كان الإيضاح بذات الاسم الثانى أو به مع المعبر به أولا ؛ ولهذا لا يجب أن يكون الثانى أوضح ولا أخص من الأول ، بل يجوز أن يثبت الاختصاص والإيضاح بمجموعهما فأعرب الثانى منهما عطف بيان (نحو : قدم صديقك خالد) فيما يكون الثانى أخص إذا فرض أنه لا يسمى من الأصدقاء بخالد إلا واحد فيكون بيانا للأول ونحو قوله :
والمؤمن العائذات الطير يمسحها |
ركبان مكة بين الغيل والسند (١) |
فيما يحصل الاختصاص والإيضاح بمجموع الأول والثانى ، فيعرب الثانى بيانا ، وذلك لأن العائذات صادق على الطير وعلى غيره مما يعوذ بالحرم ويؤمنه الله تعالى فيه من سائر الوحوش ، والطير صادق بالعائذ بالحرم المؤمن وبغيره ، فحصل من مجموعهما البيان وأنه أقسم بالرب الذى آمن الطير التى عاذت بحرم الله تعالى حتى لا تخاف فيمسحها الركبان ولا يتعرضون لها بمكروه ، والغيل والسند موضعان بهما ما بالحرم ، وهذا المثال ليس من العطف للمسند إليه بل هو مثال لمطلق ما يحصل البيان بمجموعهما ، وقد يكون عطف البيان للمدح كالنعت كما قيل فى قوله تعالى (جَعَلَ اللهُ
__________________
(١) البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص ٢٥ وفيه (السعد) مكان السند.