فقد قللنا اشتراكها فى مسمياتها بالوصف الجارية فالتخصيص على ما مر عليه المصنف شامل لما ذكر وأما فى عرف النحويين فالتخصيص مخصوص بتقليل الاشتراك فى النكرات ، وأما رفع الاحتمال فى المعارف فهو مخصوص بالتوضيح ، وينبغى أن يحمل كلامهم على أن المراد بالاشتراك الاشتراك المعنوى ، وأما لو حملناه على اللفظى دخل العلم المشترك فتخصيص المشترك بالنكرات يكون تحكما ، وعليه يلزم أن التقيد بنحو الجارية فى العين فيما تقدم لا يسمى تخصيصا لاختصاصه بالاشتراك المعنوى ولا توضيحا لاختصاصه بالمعارف فتأمله.
فالتخصيص فى المعارف (نحو : زيد التاجر عندنا) فإن وصفه بالتجارة يرفع احتمال التاجر وغيره ، ومثاله فى النكرات ما تقدم وكذا قولنا : جاءنى رجل صالح فوصف الرجل بالصلاح يرفع دخول غير الصالح ، (أو) لكون الوصف (مدحا أو ذما نحو : جاءني زيد العالم) (فيما الوصف فيه للمدح (أو) نحو : جاءني زيد (الجاهل) فيما الوصف فيه للذم ، وإنما يكون الوصف للمدح فى الأول وللذم فى الثانى (حيث يتعين الموصوف) وهو زيد فيهما قبل ذكره أى ذكر الوصف فيهما إذ لو لم يتعين كان لرفع الاحتمال فيكون تخصيصا ، ومما ينبغى أن يعلم أن مرادهم إفادة المدح أو الذم وحده ، وإلا فلا يخفى أن العلم والجهل يفيدان المدح والذم ، ولو مع التخصيص حيث لا يتعين الموصوف أيضا (أو لكونه) أى الوصف (تأكيدا) باعتبار إفادة موصوفه معناه لا تأكيدا اصطلاحيا (نحو : أمس الدابر كان يوما عظيما) ؛ لأن لفظ الأمس يدل على الدبور والمضي لمعناه ووصفه بالدبور اقتضاه المقام كأن يشار به إلى تذكير تمنى بقائه والتأسف على مضيه إن كان ما فيه محبوبا وأنه ليته ما دبر أو تذكير نعمة الشكر على مضيه وتذكير مدح الصبر ، والتحريض عليه لفناء العوارض إن كان ما فيه غير محبوب ، وأما إن لم تكن نكتة فى ذلك التأكيد لم يكن من البلاغة فى شيء فافهم.
وقد يكون المقصود من الوصف بيان بعض الاحتمال فى الموصوف وتفسير بعض ما يراد إلا على وجه التخصيص بتقليل الاشتراك ، ولا على وجه التفسير لحقيقة الموصوف بأجزائها أو لوازمها للجهل به كما تقدم بل على وجه يبين بعض محتملات