بمعنى : هو مستقر فى أصحاب العيش المرضى وكائن بينهم ، خلاف المتبادر بل لا يصح ؛ لأن عيشة نكرة ، ولا يصح إطلاقها على الجمع ، وأيضا مثل هذا الكلام لا يستعمل فى مثل هذا المعنى ، ولو كان من لوازم معناه ، وهذا الإلزام ظاهر إن أريد بالعيشة وبالضمير فى راضية شيء واحد ، وأما إن أريد بالعيشة معناها الحقيقى وأريد بالضمير الذى وقع فيه المجاز العيشة التى هى صاحبها مجازا على طريق الاستخدام فلا يتحقق هذا الإلزام ، إذ يصير المعنى حينئذ هو فى عيشة راض صاحبها بها ، ولكن على تسليم صحة الاستخدام المذكور لا يخلو عن ضعف لخلو الوصف حينئذ عن الرابط ؛ لأن عود الضمير على ملابس الضمير الرابط لا يكفى فى الربط على المشهور ، وفى المثال مناقشة من وجه آخر يرجع إلى هذا بل هو تكميل له ، وهو أنه إن أراد أن المجاز فى لفظ العيشة فليس من المجاز العقلى ؛ لأنه عنده مبنى على تشبيه الفاعل المجازى بالحقيقى ، والعيشة مجرور لا فاعل ، بل يكون حينئذ من المجاز المرسل أو غيره ، ويلزم أن يكون إسناد الراضية إلى ضمير لفظ العيشة حقيقة ؛ لأن الضمير العائد على المجاز لا يقال فيه : إنه مجاز لأن المجاز فى معاده لا فيه إذ لا معنى لاعتبار التشبيه فى مصدوق الضمير بعد كون معاده قد أطلق على المشبه به طريق المجاز التكاثر بالتشبيه أو بغيره ، وإن أراد أن التجوز فى الضمير والعيشة على حقيقتها كان استخداما وفيه من الضعف ما تقدم مع إبهامه جريان التشبيهى فى الضمير (ويستلزم) أيضا ما ذهب إليه السكاكى (أن لا تصح الإضافة فى نحو : نهاره صائم) من كل ما أضيف فيه الفاعل المجازى إلى الحقيقى ؛ لأن المراد على ما تقرر بالفاعل المجازى هو الحقيقى ، فيكون المراد بالنهار الذى هو الفاعل المجازى هو زيد الصائم بنفسه ، وزيد المذكور وهو معاد الضمير ، وفى ذلك إضافة الشيء إلى نفسه وحمله على أنه من إضافة المسمى إلى الاسم مما لا يلتفت إليه لبلاغة هذا الكلام وكثرته ، فليس من إضافة الشيء إلى نفسه بذلك التأويل لا بغيره لبلاغته وكثرة وقوعه ، وإضافة الشيء إلى نفسه نادر غير بليغ ، ولا يخرج بهذا التأويل عن الندرة ، وقد وقعت هذه الإضافة فى الكلام المعجز كقوله تعالى (فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ)(١)
__________________
(١) البقرة : ١٦.