التحقيق ، ويحتمل أن يكون المراد بالمساواة : الانتقال منها إلى المكنى عنه عرفا ، كما ينتقل من المساوى للشيء ، فعلى هذا تتحقق الاستعارة بالكناية فيما تقدم.
(بناء على أن المراد بالربيع الفاعل الحقيقى بقرينة نسبة الإنبات إليه) الذى هو من لوازم الفاعل الحقيقى المساوية ، لأن إمكان الإنبات ليس إلا له فلا يفارقه (وعلى هذا القياس غيره) أى : غير هذا المثال ، فيسلك بسائر الأمثلة هذا السبيل فنحو : شفى الطبيب المريض يراد بالطبيب الفاعل الحقيقى بقرينة نسبة شيء من لوازم الفاعل الحقيقى وهو الشفاء إليه ، والحاصل من هذه الاستعارة أنك تشبه الفاعل المجازى بالفاعل الحقيقى فى تعلق الفعل بكل منهما ، ثم يفرد المجازى بالذكر مرادا به الحقيقى ، ويدل على إرادته الإتيان معه بشيء من لوازم الفاعل الحقيقى ، ولا يخفى أن هذا التشبيه متضمن للمبالغة فى تلبس الفاعل المجازى بالفعل حتى صار كأنه المؤثر فيه الذى هو الفاعل الحقيقى ، ولا يخفى بعد علم هذا ما فى تلبس الفعل بالمصدر ، كما لا يخفى أيضا ما فى ارتكاب هذا التشبيه بالنسبة إلى الله تعالى من سوء الأدب ، وقد أطنبنا فى بيان الاستعارة بالكناية ليظهر المراد منها عند السكاكى كل الظهور ، ويظهر ورود الاعتراض والجواب.
(وفيه) أى : وفيما ذهب إليه السكاكى من جعل المجاز العقلى من باب الاستعارة بالكناية (نظر) وذلك (لأنه يستلزم) حينئذ (أن يكون المراد بعيشة فى قوله تعالى (فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ)(١) صاحبها) أنه هو الفاعل فى الأصل ، والفاعل المجازى يجب أن يراد به الفاعل الحقيقى (لما سيأتى) فى تفسير الاستعارة بالكناية عند السكاكى وقد تقدم أن حاصله تشبيه الفاعل المجازى بالحقيقى ، ثم يفرد المجازى بالذكر مرادا به الحقيقى بقرينة نسبة ما هو من لوازم الفاعل الحقيقى له ، وهذا يقتضى أن يكون المراد بالعيشة صاحبها ؛ لأنها من الفاعل المجازى ، فيجب أن يراد بها الحقيقى وهو صاحبها ، وهذا لا يصح إذ لا معنى لقولنا : هو فى صاحب عيشة راض ذلك الصاحب وتأويله
__________________
(١) الحاقة : ٢١.