إنما يكون نصب علمه قرينة إذا علم المتكلم علم المخاطب بعدم المجيء ، وإلا فلا فرق بين علم المخاطب وعدمه فى أن ظاهره الحقيقة ، سواء كان على وجه الكذب المحض أو المداراة ؛ لأن الكذب من باب الحقيقة إن كان مروجا ، وأما إن علم كل بعلم الآخر ولا علاقة ولا قرينة فهو هذيان لا ينبغى أن يعد من الحقيقة ، ولو كانت هى الأصل فيه ولا من المجاز ، ويدخل فى الحقيقة ما فيه سلب ؛ لأنه يقدر فيه أن الإثبات كان قبل النفى فيصدق فى قولنا : ما زيد قائم أن فيه إسناد القيام فى التقدير إلى زيد على أنه هو له ، وهذا فيه التكلف ووجود الخفاء فى التعريف ، لكن الحمل عليه لإدخال ما فيه النفى من الحقيقة أولى من الحمل على معنى أن المراد بالإسناد الحقيقى الاتصاف بالإثبات أو السلب على وجه الأصالة والحقيقة ؛ لأنه يدخل قولنا : ما صام نهارك ؛ لأن سلب الصيام عن النهار حقيقى ثابت فى نفس الأمر مع أنه مجاز قطعا (ومنه) أى : ومن الإسناد مطلقا (مجاز عقلى) لأن حصوله بالتصرف العقلى ، ويسمى مجازا حكميا لوقوعه فى الحكم بالمسند على المسند إليه ، ويسمى أيضا مجازا فى الإثبات ، لحصوله فى إثبات أحد الطرفين للآخر والسلب حقيقته ومجازه تابعة لما يحق فى الإثبات كما تقدم ، ويسمى أيضا إسنادا مجازيا نسبة إلى المجاز بمعنى المصدر ؛ لأن الإسناد جاوز به المتكلم حقيقته وأصله إلى غير ذلك (وهو) أى : المجاز العقلى (إسناده) أى : الفعل أو معناه على نسق ما تقدم فى الحقيقة (إلى ملابس) بفتح الباء (له) أى : للفعل أو معناه (غير ما) أى : غير الملابس الذى (هو) أى : الفعل أو معناه (له) أى لذلك الملابس يعنى : أن الفعل المبنى للفاعل حقه أن يسند إلى الفاعل ، فإذا أسند إلى غير الفاعل من مفعول أو مصدر أو ظرف مطلقا لكونه ملابسا له ، فصار ذلك الغير فى تلبسه به كالفاعل فى مطلق التلبس يكون إسناد ذلك الفعل لذلك الغير للملابسة مجازا وكذا الفعل المبنى للمفعول حقه أن يسند للمفعول وما يجرى مجراه ، فإذا أسند لغير ذلك كالفاعل لشبهه به فى الملابسة يكون إسناده له مجازا ، وقولنا : لشبهه فى الموضعين ليس المراد بذلك التشبيه الذى أصله أن يكون بالكاف ، فيكون هذا مجازا لا استعارة على ما سيجيء ، بل المراد أن ذلك هو المعتبر فى تحقق علاقة التجوز فى الإسناد من غير مراعاة شروط أصل التشبيه لا فى تقدير