بدليل وجودهما فى القرآن العزيز من غير إخلالهما بالفصاحة إجماعا لعدم الثقل فتتابع الإضافات فى قوله تعالى : (مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ)(١) وكثرة التكرار فى قوله تعالى : (وَالشَّمْسِ وَضُحاها)(٢) إلى آخر السورة ، وفى الحديث فى وصف يوسف ـ على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسّلام : «الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف ابن يعقوب بن إسحق بن إبراهيم (٣) وهذا الحديث الشريف اشتمل على كثرة التكرار وعلى تتابع الإضافات ؛ لأن الإضافات تشمل كما تقدم : المتداخلة بأن يكون الأول مضافا للثانى ، والثانى للثالث كمثال المصنف ، وغير المتداخلة : كالحديث (و) الفصاحة الكائنة (فى المتكلم) هى (ملكة يقتدر بها على التعبير عن المقصود بلفظ فصيح) فالملكة جنس فى الحد ، فلا يفهم إلا بفهمها ، وهى عرض لا يتوقف تعقله على تعقل غيره ، ولا يقتضى القسمة ولا عدمها فى محله اقتضاء أوليّا ، فخرج بقولنا : «لا يتوقف تعقله على تعقل غيره» الأعراض النسبية كالأبوة والبنوة والفعل وهو كون الشيء مؤثرا فى غيره مادام مؤثرا والانفعال : وهو كون الشيء متأثرا لغيره مادام متأثرا ونحو ذلك كالأين : وهو حصول الشيء فى المكان ، والمتى : وهو حصول الشيء فى الزمان ، وغير ذلك ، وخرج بقولنا : ولا يقتضى القسمة ما يقتضى القسمة لذاته كالكليات : مثل العدد والمقدار من الطول والعرض والعمق ، وخرج بقولنا : ولا عدم القسمة ما يقتضى عدمها ، كالنقطة التى هى مبدأ الخط ، وهو مقدار لا يقبل القسمة إلا فى جهة واحدة ، ومبدؤه وهو النقطة لا تقبل القسمة لذاتها ، والوحدة : كون الشيء لا يقبل القسمة بوجه ، فمفهوم كون الشيء لا يقبل القسمة الذى هو الوحدة هو ما لا يقبلها لذاته أيضا ، وقولنا : فى محله تصوير أى : لا يقبل العرض القسمة ولا عدمها فى محله ، لكن هذا يخالف قولهم : إن المقدار يقبلها من غير اعتبار محله ، فهذا القيد لا فائدة له على هذا لأن القابل فى المحل قابل لذاته وإلا فلا.
__________________
(١) غافر : ٣١.
(٢) الشمس : ١.
(٣) أخرجه البخارى في كتاب أحاديث الأنبياء ، حديث رقم ٣٣٩٠ ، ومسلم ، حديث رقم ٢٣٧٣.