أى وتسعدنى بالفوز بالغنائم والنجاة فى شدة بعد شدة فرس سبوح أى : حسنة العدو لا تتعب راكبها فكأنها تسبح على الماء ، ويوصف بسبوح المذكر والمؤنث ، ثم وصف الفرس بدلائل نجابتها بقوله : لها منها عليها شواهد أى : لتلك الفرس شواهد عليها أى : تشهد على نجابتها حال كون : تلك الشواهد كائنة منها ، لأن علامة نجابة الفرس توجد فى خلقتها غالبا ، فشواهد فاعل بلها ، أو مبتدأ ولها : خبره ، وعليها : متعلق بشواهد ، ومنها : حال من «شواهد» (و) تتابع الإضافات (كقوله :
حمامة جرعا حومة الجندل اسجعى) |
فأنت بمرأى من سعاد ومسمع (١) |
فحمامة : مضافة إلى جرعا ، وهو تأنيث الأجرع : وهو المكان ذو الحجارة السود ، أو مكان الرمل الذى لا ينبت شيئا ، وجرعا : مضاف إلى حومة : وهى معظم الشيء ، وحومة : مضاف إلى الجندل بسكون النون : وهو الحجر والمراد به هنا مكان الحجارة ، فهو بمعنى الجندل : بفتح النون وكسر الدال ، وقوله : فأنت بمرأى من سعاد ومسمع أى : أنت حيث تراك سعاد وتسمع كلامك ، كذا نقل عن الصحاح. فلا يصح كما قيل : أن يكون المعنى : فأنت بحيث ترين سعاد وتسمعين كلامها لهذا الدليل النقلى ، وكذا لا يصح من جهة التصرف العقلى أيضا ، وهو أن الأمر بالسجع ـ الذى هو هنا هدير الحمام وشبهه ، لما نزلت الحمامة فيه بالنداء والأمر به منزلة العاقل المأمور بالتغنى ـ كان الغرض منه إسماع الغير لإسماع المأمور للغير كذا قيل وفيه أن هذا إنما يتجه فى مقام يكون الغرض فيه ترويح السامع وتنزيهه لما يسمع من السجع مثلا ، وأما إن كان المقام مقام إظهار أن المأمور فى موضع النشاط والطرب برؤية المحبوب وسماع كلامه كان المناسب اسجعى اهتزازا وطربا من شهود سعاد وسماع كلامها (وفيه) أى : وفيما قاله هذا القائل من أن الخلوص من تتابع الإضافات وكثرة التكرار يحتاج إلى زيادة فى الحد (نظر) لأن كثرة التكرار ، وتتابع الإضافات إن أوجبا ثقلا لسانيا ـ فقد وقع الاحتراز منهما بالخلوص من التنافر ، وإن لم يوجباه ، فلا يحترز منهما ،
__________________
(١) البيت لابن بابك أبى القاسم عبد الصمد بن بابك في الإيضاح ص ١٨ ، والإشارات والتنبيهات ص ١٣ ، والتبيان للطيي ٢ / ٥٢٨.