معناه ، فإذا لم يذكر معاد الضمير بأحد هذه الوجوه ، كان التأليف ضعيفا (نحو ضرب غلامه زيدا) فإذا كان الغلام هو الضارب وعاد منه الضمير على زيد ، فقد ذكر ضمير زيد قبل ذكر لفظ زيد حقيقة وتقديرا ؛ لأنه فى رتبة التأخير لكونه مفعولا وقبل ذكر معناه ، ومع ذلك فليس فى حكم المذكور ، فهذا التأليف ضعيف يخل بالفصاحة ، وأما إن كان الإضمار بعد الذكر لفظا حقيقة كجاءنى رجل فأكرمته ، أو تقديرا كضرب غلامه زيد على أن زيدا فاعل لأنه فى تقدير التقديم ، أو كان الإضمار بعد ذكر ما يتضمن معناه كقوله تعالى : (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى)(١) فإن الضمير عائد إلى العدل المفهوم من اعدلوا ، أو كان المعاد فى حكم المذكور ، وذلك بأن لا يتقدم ما يدل على معناه ، ولا يتقدم لفظا صريحا أو تقديرا ، ولكن المعاد مؤخر مع وجود نكتة فى الإضمار أولا كالإبهام ، ثم البيان ليتمكن فى ذهن السامع عند اقتضاء المقام ذلك ، كضمير الشأن فى نحو : هو زبد قائم ، وضمير رب فى قوله :
رب فتية دعوت إلى ما |
يورث الحمد دائما فأجابوا (٢) |
فلا ضعف فى كل ذلك ، وقد فهم من قولنا : «مع نكتة» أن الفرق بين الإضمار الموجب للضعف والإضمار الحكمى وجود النكتة وعدمها ، وإنما جعل متقدما حكما ؛ لأن أصل المعاد التقدم ، ولما لم يمنع من التقدم إلا وجود النكتة فى التأخر صار فى حكم المذكور أولا فافهم.
(والتنافر) منها : الذى هو كون النطق بالكلمات ثقيلا على اللسان ، إما ثقلا أوجبه التقاء مجموع كل كلمة من مجموع الأخرى (كقوله) أى : جنى صاح على حرب بن أمية فمات فى فلاة ، ويسمى نوع هذا الجنى هاتفا :
وقبر حرب بمكان قفر |
(وليس قرب قبر حرب قبر) |
__________________
(١) المائدة : ٨.
(٢) البيت من الخفيف ، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك ٣ / ١٩ ، وشرح شواهد المغنى ص ٨٧٤.