فصاحة الكلام
(و) الفصاحة (فى الكلام خلوصه من ضعف التأليف) ويحصل هذا الخلوص بكون الكلام جاريا على القانون المشهور (و) خلوصه من (تنافر الكلمات) وذلك بأن لا يثقل فى اللسان اجتماع كلماته ، وأما أن لا تثقل الكلمات ولكن معانيها غير متناسبة كسطل ونعل وسيف إذا عطفت فذلك يخل بالبلاغة لا بالفصاحة ، وسيعلم إن شاء الله تعالى فى الفصل والوصل.
(و) خلوصه من (التعقيد) وذلك بأن لا يضعف فهم المعنى من الكلام بوجه يرجع إلى اللفظ ولا بوجه يرجع إلى المعنى ، ثم يشترط فى الخلوص عن هذه الأمور الثلاثة فى فصاحة الكلام ، أن يكون ذلك الخلوص (مع فصاحتها) أى : فصاحة الكلمات ، وأما إن خلص الكلام من هذه الثلاثة لكن مع عدم فصاحة بعض كلماته لم يكن فصيحا كقولنا : شعره مستشزر وزيد أجلل وأنفه مسرج ، وقد علم من قولنا : «ثم يشترط الخ» أن قوله : مع فصاحتها متعلق بقوله : خلوصه الخ ، وليس حالا من الكلمات المعمول (١) لتنافر كما قيل ، وإلا كان المعنى يشترط فى الكلام خلوصه من تنافر الكلمات الموصوفة بالفصاحة ، فيقتضى أن تنافر الكلمات الموصوفة بعد الفصاحة لا يشترط الخلوص منه ، فيلزم أن الكلام الذى تكون كلماته متنافرة إلا أنها غير فصيحة ، يكون ذلك الكلام فصيحا ، وهو فاسد ؛ لأن المتنافر الكلمات مع عدم فصاحتها أولى بالخروج عن الكلام الفصيح المتنافر الكلمات مع فصاحتها ، فليفهم.
ولما كان هذا التعريف ـ كما تقدم فى فصاحة المفرد ـ حاصله : التعريف بانتفاء أشياء مخصوصة ، والعدم المضاف إنما يعرف بإدراك المضاف إليه شرع فى بيان تلك الأشياء المنفية فى فصاحة الكلام ، فقال : (فالضعف) : منها أن يكون الكلام جاريا فى تركيبه على خلاف القانون المشهور عند جمهور النحويين ، وإن كان بعضهم يجوز ذلك التركيب ، وذلك كالإضمار قبل أن يذكر لفظ المعاد حقيقة أو تقديرا ، أو يذكر ما يقتضى معناه ولو لم يذكر لفظه ، أو يكون فى حكم المذكور ولو لم يذكر لفظه ولا
__________________
(١) أى : أن (الكلمات) وقعت معمولا ل (تنافر).