فقال : نعم وترى الهلال. وكذلك قول الأنصار للنبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وقد قال لهم : «ألستم ترون ذلك لكم» ، قالوا : «نعم»
فالجواب : إنّ ذلك يتصور فيه وجوه. أحدها أن يكون قول جحدر : «نعم» ، جوابا لما قدره في نيته واعتقاده من أنّ الليل يجمع أم عمرو وإيّاه ، فجاء الجواب ب «نعم» وإن لم يكن الملفوظ به لزوال اللبس ، لأنّه أجاب نفسه فعلم ما أراد. والآخر : أن يكون جوابا لقوله : «أليس الليل» ، وإن كان تقريرا لزوال اللبس ، لأنّه علم أنّه لا ينكر أحد أنّ الليل يجمعهما ، وهو أيضا يجيب فقد علم ما أراد. والآخر : أن يكون جوابا لقوله : «وترى الهلال» ، فقدّم.
ومنهم من زعم أنّ نعم حرف (١) يذكر لما بعدها ، وهذا لا ينبغي أن يلتفت إليه ، مهما أمكن ابقاؤها على معناها كان أولى ، وقد أمكن ذلك حيث جاءت صدرا بأن تقدّر تصديقا لما بعدها فقدّمت.
وأمّا قول الأنصار : «نعم» ، فجاز ذلك لزوال اللبس ، لأنّه قد علم أنهم يريدون : نعم نرى ذلك ، وعلى ذلك يحمل استعمال سيبويه لها في أبواب الصفات بعد التقرير.
__________________
حرف جواب لا محل له. وترى : «الواو» : استئنافية ، «ترى» : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة. والفاعل ضمير مستتر تقديره : هي. الهلال : مفعول به منصوب. كما : «الكاف» : اسم بمعنى (مثل) مبني على الفتح في محل نصب نائب مفعول مطلق ، وهو مضاف ، والمصدر المؤول من (ما) والفعل (أراه) مضاف إليه ، «ما» : مصدرية. أراه : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة و «الهاء» : ضمير متصل في محل نصب مفعول به ، والفاعل ضمير مستتر تقديره : أنا. ويعلوها : «الواو» : حرف عطف ، «يعلوها» : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، و «ها» : ضمير متصل في محل نصب مفعول به. النهار : فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة. كما : «الكاف» : اسم بمعنى (مثل) مبني على الفتح في محل نصب نائب مفعول مطلق وهو مضاف ، والمصدر المؤول من (ما) والفعل (علاني) مجرور بالإضافة ، «ما» : مصدرية. علاني : فعل ماض مبني على الفتح المقدر ، و «النون» : للوقاية و «الياء» : ضمير متصل في محل نصب مفعول به. والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره : هو.
وجملة «يجمع» : في محل نصب خبر ليس. وجملة «أليس يجمع» : ابتدائية لا محل لها. وجملة «ذاك تدان» : استئنافية لا محل لها. وجملة «ترى الهلال» : استئنافية لا محل لها. وجملة «أراه» : صلة الموصول لا محل لها. وجملة «يعلوها» معطوفة على جملة (ترى). وجملة «علاني» : صلة الموصول لا محل لها.
والشاهد فيهما قوله : «نعم» حيث وقعت بعد الاستفهام التقريري وهو قوله «أليس ...» مع أن الواجب هنا أن يكون الجواب بلى ، وإنما جاز وقوع «نعم» بعده لأمن اللبس.
(١) هنا كلمة ساقطة.