على أن لفظ المفتاح صريح فى أن المجاز الذى جعله منقسما إلى أقسام ...
______________________________________________________
فى تقسيم المجاز المفرد إلى الاستعارة وغيرها ، فإن المجاز والاستعارة يجتمعان فى نحو الأسد يطلق على الرجل الشجاع بواسطة المبالغة فى التشبيه ، وينفرد المجاز المفرد فى نحو العين تطلق على الربيئة مجازا مرسلا ، وتنفرد الاستعارة عن المفرد فى نحو أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى ، وكما فى تقسيم الأبيض إلى حيوان وغيره فإن الحيوان الذى ـ قسمت إليه الأبيض ـ بينه وبين الأبيض عموم وخصوص ، من وجه يجتمعان فى الحيوان الأبيض ، وينفرد الأبيض فى الجص وينفرد الحيوان فى الزنجى ، وإذا صح كون الاستعارة ليست أخص من المفرد ، بل بينها وبينه عموم وخصوص من وجه ، صح تقسيمها للتمثيل وغيره ، فيلزم التركيب فى التمثيل ويلزم الإفراد فى غيره ، فيكون صدق المجاز المفرد عليها إنما هو فى الفرد الذى تجتمع معه فيه ، لا فيما تنفرد عنه ، وإنما قلنا : بل يصح تقسيم الشىء إلى ما هو فى نفسه ، أى من حيث ذاته ، ليس أخص من المقسم إشارة إلى أنه من حيث إنه قسم لا بد أن يكون أخص ؛ لأن الحيوان من حيث إنه قسم إنما يصدق على الحيوان الأبيض ، لكن الذى يخبر به عنه يجوز ألّا يكون مفهومه أخص كما فى المثال ، وبهذا اندفع ما يقال : محصل هذا الجواب الذى أشار له الشارح بقوله : وقسمة إلخ أن قسم الشىء قد يكون أعم منه وهذا خال عن التحقيق ، إذ العقلاء مطبقون على أن قسم الشىء لا بد أن يكون أخص منه ، والحاصل أنه ليس غرضه بقوله : كقولنا إلخ الاستدلال بأن قسم الشىء قد يكون أعم منه ، بل غرضه أن تقسيم المجاز المفرد للاستعارة وغيرها لا يقتضى حصر الاستعارة فى المجاز المفرد ، كما أن تقسيم الأبيض إلى الحيوان وغيره لا يقتضى انحصار الحيوان فى الأبيض فتأمل.
(قوله : على أن إلخ) هذا جواب ثان يمنع كون المقسم الذى قسمه السكاكى للاستعارة وغيرها المجاز المفرد ، وحاصله لا نسلم أن المقسم فى كلامه المجاز المفرد حتى يقال : كيف يجعل التمثيل الذى هو مركب من أقسام المفرد ، بل المقسم فى كلامه مطلق المجاز ، فقسمه إلى الاستعارة وغيرها ، ثم قسم الاستعارة إلى التمثيلية وغيرها ، وحينئذ فالمقسم صادق بالمركب الذى هو بعض الاستعارة ، فلا يلزم اجتماع الإفراد من حيث إن