(وقسمها) أى : الاستعارة (إلى المصرح بها ، والمكنى عنها. وعنى بالمصرح بها أن يكون) الطرف (المذكور) من طرفى التشبيه (هو المشبه به ، وجعل منها) أى : من الاستعارة المصرح بها (تحقيقية ، وتخييلية) وإنما لم يقل : وقسمها إليهما ؛ لأن المتبادر ...
______________________________________________________
(قوله : وقسمها إلى المصرح بها والمكنى عنها) يستفاد منه أنهما لا يجتمعان ، وهو كذلك من حيث المفهوم ، وأما من حيث الصدق فى مادة فقد يجتمعان ، كما فى قوله تعالى : (فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ)(١) فقد اجتمع الاستعارتان فى لباس ، فإنه شبه ما غشى الإنسان عند الجوع من أثر الضرر كالنحول والاصفرار من حيث الاشتمال باللباس واستعير له اسمه ، ومن حيث الكراهة بالطعم المر البشع ، فتكون استعارة مصرحة نظرا للأول ومكنية نظرا للثانى ، وتكون الإذاقة تخييلا (قوله : أن يكون الطرف المذكور) أى المذكور اسمه هو المشبه به ، أى وعنى بالمكنى عنها أن يكون الطرف المذكور اسمه هو المشبه ، ولا يخفى ما فى كلامه من التسامح ؛ لأن كون الطرف المذكور اسمه مشبها أو مشبها به ليس هو المصرح بها أو المكنى عنها ؛ لأن المصرح بها والمكنى عنها هو اللفظ لا الكون المذكور.
(قوله : وجعل منها أى من الاستعارة المصرح بها تحقيقية وتخييلية) أى : ولم يجعل مثل ذلك فى المكنية ، ولعل ذلك أن المشبه به فى التحقيقية لا يكون إلا ثابتا فى الحس أو العقل ، والمشبه به فى التخييلية لم يكن ثابتا إلا فى الوهم ، والمكنية عند السكاكى لا يكون المشبه به فيها إلا تخييليا ، كالسبع الادعائى فى أنشبت المنية أظفارها بفلان ، فإن المشبه عنده المنية ، والمشبه به السبع الادعائى ، وهو الموت المدعى سبعيته ، فلما كان المشبه به فيها عنده لا يكون إلا تخييليا امتنع تقسيمها للتحقيقية والتخييلية ، وأما على رأى المصنف فى المكنية فامتناع تقسيمها إليهما ظاهر (قوله وإنما لم يقل) أى المصنف (وقسمها إليهما) المشعر بانحصارها فى القسمين ، بل عدل إلى قوله : جعل منها كذا وكذا ، المشعر ببقاء شىء آخر وراء التحقيقية والتخييلية (لأن المتبادر إلخ) (قوله : لأن المتبادر
__________________
(١) النحل : ١١٢.