دقاق الحصى. استعار سيلان السيول الواقعة فى الأباطح لسير الإبل سيرا حثيثا فى غاية السرعة المشتملة على لين وسلاسة. والشبه فيه ظاهر عامّىّ ، لكن قد تصرف فيه بما أفاد اللطف والغرابة.
(إذ أسند الفعل) أعنى : سالت (إلى الأباطح دون المطى) وأعناقها حتى أفاد أنه امتلأت الأباطح من الإبل ، ...
______________________________________________________
بحيث لا ينتظر السائرون فى الغداة السائرين فى الرواح للاشتياق إلى البلاد أخذنا نتحدث بفنون الأحاديث وأنواعها ، وفى حال أخذنا بأطراف الأحاديث أخذت المطايا فى سرعة السيل السلس المتتابع الشبيه بسيل الماء فى تتابعه وسرعته (قوله : دقاق الحصى) الدقاق : بضم الدال بمعنى الدقيق فهو اسم مفرد ، ولا يجوز أن يكون بكسرها على أنه جمع دقيق ككريم وكرام ـ كما قيل ؛ لأن جمع فعيل على فعال خاصّ بالعاقل ـ كما فى عبد الحكيم.
(قوله : حثيثا) أى : مسرعا ، يقال : ولّى حثيثا أى : مسرعا حريصا ـ قاله الفنرى.
(قوله : وسلاسة) أى : سهولة (قوله : والشبه) أى : ووجه الشبه وهو قطع المسافة بسرعة (قوله : عامّىّ) أى : يعرفه الخاصة والعامّة ...
(قوله : إذ أسند الفعل) يعنى المجازى وهو سالت المستعار لسارت ، وهذا علّة لمحذوف أى : وإنما كانت الاستعارة العامية هنا متصرفا فيها بما صارت به غريبة ؛ لأنه أسند الفعل (قوله : دون المطى) أى : الذى حقه أن يسند إليه (قوله : وأعناقها) أى : ودون أعناقها (قوله : حتى أفاد) أى : ذلك الإسناد (وقوله : أنه) أى : الحال والشأن أى : حتى أفاد ذلك الإسناد أن الأباطح امتلأت من الإبل ؛ وذلك لأن نسبة الفعل الذى هو صفة الحال إلى المحلّ تشعر بشيوعه فى المحلّ وإحاطته بكله ، وتوضيح ذلك : أن السيلان المستعار للسير حقه أن يسند للمطى ؛ لأنها هى التى تسير ، فأسنده الشاعر للأباطح التى هى محلّ السير فهو من إسناد الفعل لمحلّه إشارة إلى كثرة الإبل وأنها ملأت الأباطح ؛ لأن نسبة الفعل الذى هو صفة الحال إلى المحلّ تشعر بشيوع الحالّ فى المحلّ وإحاطته بكله ، فلا يسند الجريان للنهر ، إلا إذا امتلأ النهر من الماء وكذا لا يقال : سارت الأباطح ، إلا إذا امتلأت بالسائر فيها ؛ لأنه قد جعل كل محل منها سائرا لاشتماله على ما هو سائر فيه ،