(كما فى قوله :) فى وصف الفرس بأنه مؤدب ، وأنه إذا نزل عنه ، وألقى عنانه فى قربوس سرجه ـ وقف مكانه إلى أن يعود إليه (١) :
(وإذا احتبى قربوسه) أى : مقدم سرجه (بعنانه)
______________________________________________________
وجمع الرجل ظهره وساقيه بالثوب واقع بكثرة ، والنادر إنما هو تشبيه أحدهما بالآخر (قوله : كما فى قوله) أى : قول يزيد بن مسلمة بن عبد الملك (قوله : قربوسه) القربوس : بفتح الراء ولا يخفف بالسكون إلا فى الشعر ؛ لأن فعلولا نادر لم يأت عليه غير صعفوق ـ وهو اسم عجمى غير منصرف للعلمية والعجمة ـ وأما خرنوب : بفتح الخاء ـ وهو نبت يتداوى به ـ فضعيف والفصيح الضم ، وكذا سحلول وهو أول الريح ـ اه فنرى.
ثم إنه يحتمل أن يكون قربوسه فاعل احتبى بتنزيل القربوس منزلة الرجل المحتبى ، فكأن القربوس ضم فم الفرس إليه بالعنان كما يضم الرجل ركبتيه إلى ظهره بثوب مثلا ، ويحتمل أن يكون قربوسه مفعول احتبى مضمنا معنى جمع ، والفاعل على هذا ضمير عائد على الفرس ، فكأنه يقول : وإذا جمع هذا الفرس قربوسه بعنانه إليه كما يضم المحتبى ركبتيه إليه ، فعلى الأول ينزل وراء القربوس فى هيئة التشبيه منزلة الظهر من المحتبى وفم الفرس منزلة الركبتين ، وعلى الثانى بالعكس أى : ينزل القربوس فى الهيئة منزلة الركبتين ، وفم الفرس منزلة الظهر والوجه الأول ، وإن كان فيه مناسبة ما من جهة أن الركبتين فيهما شيئان كفكى فم الفرس مع التفاوت فى المقدار ، والقربوس متحدب كوسط الإنسان وخلفه كظهره ، لكن فيه بعد من جهة أن القربوس فى الهيئة أعلى وكذا الركبتان ، والفم أسفل وكذا الظهر ، وحينئذ فالوجه الثانى ـ لهذا الاعتبار ـ أولى ؛ لأنه أدلّ عليه فهو أسدّ فى تحقق التشابه (قوله : أى مقدم سرجه) كتب شيخنا الحفنى : أن هذا تفسير مراد ، وإلا فالقربوس ـ كما فى الصحاح ـ هو السرج ، وعليه فقوله فى البيت : قربوسه : من إطلاق الكل وإرادة البعض على طريق المجاز المرسل ـ اه ، لكن الذى ذكره العلّامة عبد الحكيم : أن الذى فى النسخ الصحيحة من الصحاح أن القربوس مقدم السرج كما قال الشارح (قوله : بعنانه) أى : بلجامه (وقوله : إلى انصراف
__________________
(١) لمحمد بن يزيد بن مسلمة. فى الإشارات ص ٢١٦. القربوس : مقدم السرج ، علك : مضغ.