بخلافه ثمة.
فإن قلت : قد تقرر فى غير هذا الفن أن جزء الماهية لا يختلف بالشدة والضعف ، فكيف يكون جامعا ، والجامع يجب أن يكون فى المستعار منه أقوى؟ قلت : امتناع الاختلاف إنما هو ...
______________________________________________________
ملحوظ ضمنا فكان استعارة (قوله : بخلافه ثمة) أى : بخلاف استعمال المرسن فى الأنف فإن التشبيه غير ملاحظ فيه ، وإنما لوحظ فيه الإطلاق والتقييد حيث استعمل اسم المقيد فى المطلق فكان مجازا مرسلا (قوله : فإن قلت .. إلخ) هذا وارد على قول المصنف ؛ لأن الجامع إما داخل فى مفهوم الطرفين ، وحاصله : أن الحكم بدخول الجامع فى الطرفين مخالف لما تقرر فى فن الحكمة من أن جزء الماهية لا يختلف بالشدة والضعف ، ومعلوم أن الجامع فى الاستعارة يجب أن يكون فى المستعار منه أقوى منه فى المستعار له ، فالدخول فى مفهوم الطرفين يقتضى عدم التفاوت وكونه جامعا يقتضى التفاوت ، وهل هذا إلا جمع بين متناقضين والجمع بينهما باطل؟! فما أدى إلى ذلك وهو كون الجامع داخلا فى مفهوم الطرفين باطل (قوله : فى غير هذا الفن) المراد بذلك الغير فن الحكمة ، (وقوله : إن جزء الماهية) أى : كالحيوانية والناطقية بالنسبة للإنسان (وقوله : لا يختلف .. إلخ) أى : لامتناع التشكك فى الذاتيات ، فالحيوانية التى فى زيد ليست أقوى منها حالة كونها فى عمرو ، وكذلك الناطقية ، بل التى فى زيد مساوية للّتى فى عمرو (قوله : والجامع يجب .. إلخ) جملة حالية (وقوله : أقوى) أى من نفسه حالة كونه فى المستعار له وإنما وجب ذلك لتكون الاستعارة مقيدة وقيد بالمستعار منه ليخرج التشبيه فإنه لا يجب فيه كون الجامع أقوى فى أحد الطرفين ؛ لأن التشبيه قد يقصد به بيان الحال وهذا يكفى فيه مساواة الطرفين فى الجامع (قوله : قلت : امتناع الاختلاف .. إلخ) حاصل هذا الجواب : أن امتناع الاختلاف بالشدة والضعف فى أجزاء الماهية ليس مطلقا ، بل بالنسبة للماهية الحقيقية ـ وهى المركبة من الذاتيات ـ لا الاعتبارية أى : التى اعتبروا لها مفهوما مركبا من أمور غير ذاتيات لها ، والماهية المفهومة من اللفظ لا يجب أن تكون ماهية حقيقية ، بل تارة تكون حقيقية فلا تختلف أجزاؤها بالشدة والضعف ، فلا يصح أن يكون الجامع داخلا فى مفهوم الطرفين