استعار الإحياء من معناه الحقيقى ـ وهو جعل الشىء حيّا ـ للهداية ـ التى هى
الدلالة على طريق يوصل إلى المطلوب ـ ، والإحياء والهداية مما يمكن اجتماعهما فى
شىء واحد ، وهذا أولى من قول المصنف : إن الحياة والهداية مما يمكن اجتماعهما فى
شىء واحد ؛ لأن المستعار منه هو الإحياء ، لا الحياة ، وإنما قال : نحو : أحييناه
؛ لأن الطرفين فى استعارة الميت للضالّ ...
______________________________________________________
أرؤس الأقران ومن كون المنقلب بها خمسا ـ وفى كون مجموع ما ذكر هو الدالّ
على أن المراد بالسحائب أنامل الممدوح نظر ، إذ لو أسقط بعضها كلفظ الخمس وأرؤس
الأقران بأن يراد بالقلب تحريك السيف باليد فهم المراد على أن إضافة الصاعقة لنصل
السيف كاف فى القرينة المذكورة ، فيخالف ما مرّ من قوله : مربوط بعضها ببعض يكون
الجميع قرينة ، اللهم إلا أن يراد الدلالة الواضحة البالغة فى الوضوح ، والحاصل :
أن الدلالة الواضحة على المراد متوقفة على الجميع ، وهذا لا ينافى كفاية بعضها فى
أصل الدلالة على المراد ، وحينئذ فقول الشارح سابقا : مربوط بعضها ببعض يكون
الجميع قرينة .. إلخ ناظر للدلالة الواضحة البالغة فى الوضوح لا لأصل الدلالة ـ فلا
منافاة.
(قوله : استعار الإحياء) أى : استعار هذه اللفظ (وقوله :
للهداية متعلق باستعار) أى : استعاره لها بعد تشبيه الهداية بمعنى الدلالة على طريق توصل بالإحياء
بمعنى جعل الشىء حيّا ، وادعاء أنه فرد من أفرادها ، ووجه الشبه بين الإحياء
والهداية ترتب الانتفاع والمآثر على كلّ منهما ، كما أن وجه الشبه بين الإماتة
والإضلال ترتب نفى الانتفاع على كلّ منهما ، وإنما قال استعار الإحياء مع أن
المستعار الفعل أعنى أحييناه ؛ لأن استعارته تبعية لاستعارة المصدر أعنى الإحياء (قوله : مما يمكن اجتماعهما) أى : من الشيئين اللذين يمكن اجتماعهما فى شىء أى : فقد
اجتمعا فى الله سبحانه وتعالى فإنه محيى وهادى (قوله : وهذا) أى : قولنا والإحياء والهداية مما يمكن اجتماعهما (قوله : أولى من قول المصنف) أى : فى الإيضاح (قوله : لأن
المستعار منه هو الإحياء لا الحياة) إن قلت : مقتضى هذا التعليل أن يكون ما قاله المصنف خطأ
، وأن ما قاله الشارح هو الصواب ـ قلت : إنما قال الشارح : وهذا أولى لإمكان أن
يقال : مراد المصنف بالحياة الإحياء لكونها أثرا له (قوله : وإنما
قال : نحو أحييناه) أى : ولم يقل نحو (أَوَمَنْ كانَ
مَيْتاً