والمراد بـ معناه : ما عنى باللفظ ، واستعمل اللفظ فيه ؛ فعلى هذا يخرج من تفسير الاستعارة نحو : زيد أسد ، ورأيت أسدا ، ومررت بزيد أسدا ؛ مما يكون اللفظ مستعملا فيما وضع له ، وإن تضمن تشبيه شىء به ؛ وذلك لأنه إذا كان معناه
______________________________________________________
المعنى المجازى بشىء آخر وإثبات لازمه له فهذا لا ضرر فيه كما فى قوله تعالى : (فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ)(١) فإنه شبه ما غشى أهل تلك القرية التى كفرت بنعم الله عند جوعهم وخوفهم من الصفرة وانتقاع اللون والنحول ـ باللباس بجامع الاشتمال فى كلّ واستعير اللباس لذلك استعارة تصريحية تحقيقية ، ثم شبه أيضا ما غشيهم عند جوعهم وخوفهم بمطعوم مرّ بشع تشبيها مضمرا فى النفس على طريق الاستعارة بالكناية ، وإثبات الإذاقة تخييل. ففى الآية ثلاث استعارات : تحقيقية ومكنية وتخييلية (قوله : والمراد بمعناه ما عنى باللفظ واستعمل اللفظ فيه) يعنى الآن حال إطلاقه أى : وليس المراد بمعناه المعنى الذى وضع له اللفظ وضعا مقيدا بكونه أصليّا ولا يضرّ بيان هذه الإرادة فى التعريف وإن كان المراد بالمعنى عند الإطلاق ما ذكر ؛ لأن التنبيه عليه لزيادة البيان (قوله : فعلى هذا) أى : فإذا فرعنا على هذا الحدّ المذكور ـ وهو أن الاستعارة لفظ تضمن تشبيه معناه بما وضع له ـ يخرج من تفسيرها أسد ونحوه : كحمار وبدر من قولك : زيد أسد أو حمار أو بدر فلا يكون استعارة ، بل هو تشبيه بليغ بحذف الأداة ، فقول الشارح : نحو : زيد أسد فيه حذف كما علمت أى : نحو : أسد من قولك : زيد أسد (قوله : مما يكون اللفظ) بيان للنحو وكان الأولى أن يقول من كل لفظ استعمل فيما وضع له (قوله : وإن تضمن) أى : ذلك اللفظ المستعمل فيما وضع له ، (وقوله : به) أى : بمعناه الموضوع له ، ولا شك أن لفظ الأسد فى الأمثلة السابقة مستعمل فى المعنى الذى وضع هو له وهو الحيوان المفترس وإن تضمن تشبيه شىء وهو زيد به ، لكن ذلك الشىء ليس معنيّا بذلك اللفظ ، وحينئذ فلا يكون ذلك اللفظ مجازا فلا يكون استعارة (قوله : وذلك) أى : وبيان ذلك أى : خروج لفظ الأسد فى الأمثلة المذكورة عند حدّ الاستعارة (قوله : لأنه) أى الحال والشأن (وقوله : إذا كان معناه) أى : معنى لفظ
__________________
(١) النحل : ١١٢.