لما جبل الله النفوس عليه من أن الشىء إذا ذكر مبهما ثم بين كان أوقع عندها.
(أو لتكمل لذة العلم به) أى : بالمعنى لما لا يخفى من أن نيل الشىء بعد الشوق والطلب ألذ (نحو : (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي)(١) ...
______________________________________________________
ذلك التمكن لكون المعنى ينبغى أن يملأ به القلب لرغبة أو لرهبة أو أن يحفظ لتعظيم وعدم استهزاء أو عمل به ، وقوله : أو ليتمكن إلخ أى : مع قطع النظر عن كمال اللذة وإن كان حاصلا (قوله : لما جبل الله إلخ) أى : وإنما كان فى الإيضاح بعد الإبهام زيادة التمكن لما جبل الله النفوس أى : طبعها عليه ، وقوله : من أن الشىء إلخ : بيان لما قال الشيخ يس ، وهل الشىء واقع على اللفظ أو المعنى ، والظاهر صحة كل منهما ـ ا. ه.
والأولى وقوعه على المعنى ؛ لأنه المقصود بالذات ويكون ذكره بذكر داله ، وقوله : كان أوقع عندها أى : من أن يبين أولا ، فالمفضل عليه محذوف وضمير عندها راجع للنفس ، وإنما كان أوقع عندها ؛ لأن الإشعار بالشىء إجمالا يقتضى التشوق له ، والشىء إذا جاء بعد التشوق يقع فى النفس فضل وقوع ، ويتمكن فضل تمكن لما مر من أن الحاصل بعد الطلب أعز من المنساق بلا تعب.
(قوله : أو لتكمل لذة العلم به) يعنى للسامع بسبب إزالة ألم الحرمان الحاصل بسبب عدم علمه بتفصيله ؛ وذلك لأن الإدراك لذة والحرمان منه مع الشعور بالمجهول بوجه ما ألم فإذا حصل له العلم بتفصيله ثانيا حصل له لذة كاملة ؛ لأن اللذة عقب الألم أتم من اللذة التى لم يتقدمها ألم إذ كأنها لذتان لذة الوجدان ولذة الخلاص عن الألم (قوله : من أن نيل الشىء) أى : حصول الشىء للشخص ، وقوله بعد الشوق أى : بعد التشوق الحاصل من الإشعار بالشىء إجمالا وعطف الطلب عليه من عطف اللازم (قوله : ألذ) أى : من نيله بدون ذلك ؛ لأن فيه لذتين لذة الحصول ، ولذة الراحة بعد التعب (قوله : نحو : (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي)) هذا المثال صالح لكل من النكات الثلاثة ، فالإيضاح فيه بعد الإبهام على ما بينه المصنف إما ليرى المعنى فى صورتين مختلفتين أو ليتمكن المعنى فى قلب السامع ، أو لتكمل له لذة العلم به ، وفيه أن المخاطب
__________________
(١) طه : ٢٥.