(كقوله :
وأعلم علم اليوم والأمس قبله |
|
ولكنّنى عن علم ما فى غد عمى |
فلفظ [قبله] ...
______________________________________________________
كان غرض المجيب تصحيح كلام أبى الطيب بالكلية ، وأما إذا كان مقصوده إخراجه عن رتبة الحشو المفسد فلا يرد ذلك ، إذ غاية ما لزم على ذلك الجواب كونه من التطويل ، واعترض ابن السبكى فى عروس الأفراح على المصنف فى تمثيله بالبيت المذكور بأن الندى ليس زيادة لفظ لمعنى مدلول لغيره حتى يكون حشوا ، بل إتيان بلفظ لمعناه ، إلا أنه فاسد فى المقام ، والحشو من القبيل الأول كالتطويل لما تقدم من أنه لا يفرق بينهما إلا فى التعيين وعدمه ، وأجيب : بأن المراد بالزيادة بالنسبة إلى الحشو أن يؤتى بما لا يحتاج إليه سواء كان ذلك المأتى به مدلولا على معناه بغيره أم لا ، وحينئذ فلا اعتراض على المصنف فى تمثيله بالندى فى البيت.
(قوله : كقوله) أى قول زهير بن أبى سلمى ، وهذا البيت من آخر قصيدته التى قالها فى الصلح الواقع بين عبس (١) وذبيان وأولها :
أمن أمّ أوفى دمنة لم تكلّم |
|
بحومانة الدّرّاج فالمتثلّم (٢) |
ودار لها بالرّقمتين كأنّها |
|
مراجيع وشم فى نواشر معصم |
(قوله : علم اليوم) مصدر مبين للنوع أى : أعلم علما متعلقا بهذين اليومين أو مفعول به بناء على أن أعلم بمعنى أجعل ـ كذا فى الفنرى ، وقرر شيخنا أن جعله مفعولا به بناء على أن المراد بالعلم المعلوم أى : أعلم المعلوم أى : الأمر الواقع فى هذين اليومين ، وقوله ولكننى عن علم أى : عن الأمر المعلوم أى : الذى شأنه أن يعلم ، وقوله ما فى غد أى : الواقع فى غد بدل من علم ، وقوله عمى أى : جاهل وغير عالم به فهى صفة مشبهة بمعنى جاهل ، ومعنى البيت أن علمى يحيط بما مضى وبما هو حاضر ولكننى عم عن الإحاطة بما هو منتظر متوقع يريد لا أدرى ما ذا يكون غدا.
__________________
(١) عبس وفى المطبوع قيس.
(٢) البيتان لزهير بن أبى سلمى فى ديوانه ص ٤ ، وهى معلقة من المعلقات السبع قالها فى الصلح الواقع بين عبس وذبيان.