فالمساواة أن يكون اللفظ بمقدار أصل المراد ، والإيجاز أن يكون ناقصا عنه وافيا به ، والإطناب أن يكون زائدا عليه لفائدة (واحترز بواف عن الإخلال) وهو أن يكون اللفظ ناقصا عن أصل المراد ، غير واف به (كقوله :
______________________________________________________
(قوله : فالمساواة أن يكون إلخ) المتبادر من هذا التقرير أن قول المصنف لفائدة قيد فى الإطناب وهو صريح الاحتراز الآتى فى المتن أيضا وفيه نظر ؛ لأنه يقتضى أن المساواة والإيجاز مقبولان مطلقا ـ وليس كذلك ، إذ كيف يقبلان عند البلغاء عند عدم الفائدة ، فالأولى تقييدهما بها أيضا ، ويراد بها ما يعم كون المأتى به هو الأصل ، ولا مقتضى للعدول عنه كما فى المساواة حيث لا يوجد فى المقام مناسبة سواها ، ولذا قال السبكى فى عروس الأفراح : الذى يظهر لى من كلام المصنف وهو الصواب أن قوله لفائدة يتعلق بالثلاثة من جهة المعنى ، وما اقتضته عبارته من تعلقها بالزائد فقط ـ فليس كذلك ، بل يقال : المساواة تأدية أصل المعنى بلفظ مساو له لفائدة والإيجاز تأديته بلفظ ناقص لفائدة والإطناب تأديته بلفظ زائد لفائدة (قوله : واحترز) هو بالبناء للمفعول أو بالبناء للفاعل ويكون فيه التفات ؛ لأن المقام مقام تكلم ، ويصح أن يقرأ بلفظ المضارع ، ووجه الاحتراز بما ذكره عن الإخلال أن المراد بالوفاء أن تكون الدلالة على ذلك المراد مع نقصان اللفظ واضحة فى تراكيب البلغاء ظاهرة لا خفاء فيها ، والإخلال كما قال الشارح أن يكون اللفظ ناقصا عن أصل المراد غير واف به لخفاء الدلالة حيث يحتاج فيها إلى تكلف وتعسف ، فإن قلت : إذا وجدت قرائن الدلالة اعتبرت وكانت مقبولة وإن لم توجد فلا دلالة أصلا حتى تكون مقبولة أو غير مقبولة.
قلت القرائن لا بد منها ، لكن قد يكون الفهم منها واضحا ، وقد يكون الفهم منها تعسفا وتكلفا لخفائها وبعد الأخذ منها كما يشهد بذلك صادق الذوق فى شاهد الإخلال الآتى قريبا (قوله : كقوله) أى : الحارث بن حلزة اليشكرى بكسر الحاء المهملة وتشديد اللام وكسرها والزاى المعجمة المفتوحة ، واليشكرى نسبة لبنى يشكر : بطن من بكر بن وائل ، والبيت المذكور من قصيدة من مجزوء الكامل المضمر المرفل ، وقبله :