فإنها) أى : الجملة الواقعة حالا (من حيث هى جملة مستقلة بالإفادة) من غير أن تتوقف على التعليق بما قبلها ، وإنما قال : من حيث هى جملة لأنها من حيث هى حال غير مستقلة ؛ بل متوقفة على التعليق بكلام سابق قصد تقييده بها (فتحتاج) الجملة الواقعة حالا (إلى ما يربطها بصاحبها) الذى جعلت حالا عنه (وكل من الضمير والواو صالح للربط ، والأصل) الذى لا يعدل عنه ...
______________________________________________________
فإنها إلخ) الفاء للتعليل أى : إنما خولف ذلك الأصل فى الحال التى هى جملة ؛ لأنها إلخ (قوله : من حيث هى جملة) الحيثية للتقييد ، وقوله مستقلة بالإفادة خبر إن أى : لأن الجملة الواقعة حالا مستقلة بالإفادة من حيث كونها جملة ، ومقتضى ذلك الاستقلال أنها تحتاج إلى رابط يربطها بما قبلها وإنما كانت الجملة المذكورة مستقلة بالإفادة من حيث كونها جملة ؛ لأن الجملة وضعت لتفيد فائدة يحسن السكوت عليها بناء على القول بوضع المركبات ، أو استعملت لتفيد ما ذكر بناء على مقابله ، والحاصل أن الجملة الحالية وجد فيها جهتان جهة كونها جملة ، وهذه الجهة هى الأصل فى الجملة الحالية وجهة كونها حالا وهى عارضة ، والأولى توجب احتياجها لما يربطها بما قبلها دون الثانية (قوله : من غير أن تتوقف إلخ) تفسير للاستقلال (قوله : على التعليق) أى : الارتباط فلا تحتاج إلى ما يربطها من الحيثية الثانية لا من الحيثية الأولى (قوله : فتحتاج إلخ) أى : فهى من هذه الجهة أى : جهة كونها جملة تحتاج إلخ ، وروعيت هذه الحالة المحرجة للربط ؛ لأنها الأصل وجهة كونها حالا عارضة كما علمت.
(قوله : وكل من الضمير) أى : ضمير صاحب الحال (قوله : صالح للربط) أما الضمير فلكونه عبارة عن المرجع ، وأما الواو فلكونها موضوعة لربط ما قبلها بما بعدها أو هى فى أصلها للجمع كما قيل : إن أصل هذه الواو الحالية هى العاطفة ، واختلف فى أيهما أقوى فى الربط فقيل الواو ؛ لأنها موضوعة له وقيل الضمير لدلالته على المربوط به ، وإليه أشار بقوله : والأصل إلخ (قوله : الذى لا يعدل عنه) أى : لا ينبغى العدول عنه لكثرته ، والمراد بالأصل هنا الكثير الراجح فى الاستعمال لا الأصل فى الوضع ، والمراد لا يعدل عنه فى نظر البلغاء ، وإلا فكثيرا ما يقررون فى العربية جواز الأمرين ، فظاهر كلامهم جواز العدول من غير موجب ـ كذا قرر شيخنا العدوى ، وتأمله.