لمضمون الجملة فإنها يجب أن تكون بغير واو البتة ؛ لشدة ارتباطها بما قبلها ؛ وإنما كان الأصل فى المنتقلة الخلو عن الواو (لأنها فى المعنى حكم على صاحبها كالخبر) بالنسبة إلى المبتدأ ، فإن قولك : [جاء زيد راكبا] إثبات الركوب لزيد كما فى : [زيد راكب]
______________________________________________________
(قوله : لمضمون الجملة) أراد بالمضمون ما تضمنته واستلزمته الجملة قبلها ، وذلك كما فى قولك هذا أبوك عطوفا ، فإن الجملة الأولى تقتضى العطف ، فلذا كان قوله عطوفا تأكيدا ، وليس المراد بالمضمون المصدر المتصيد من الجملة كما هو الظاهر ؛ لأن مضمون هذه الجملة أبوة زيد وهى غير العطف ، وكان الأولى للشارح أن يحذف قوله لمضمون الجملة لأجل أن يشمل كلامه المؤكدة لعاملها نحو : (وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً)(١) ، (ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ)(٢) والمؤكدة لصاحبها نحو : (لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً)(٣) (قوله : البتة) أى : قطعا أى : دائما ، لا أن ذلك فيها كثير (قوله : لشدة ارتباطها بما قبلها) أى : وصيرورتهما كالشىء الواحد أى : وحينئذ فلا يبحث عنها فى هذا الباب ، والحاصل أن الحال المؤكدة لظهور ارتباطها بالمؤكد لا يحتاج فيها إلى ربط بالواو ، فلا يبحث عنها فى هذا الباب ، فلذا احترز المصنف عنها بالتقييد بالمنتقلة.
(قوله : لأنها فى المعنى حكم على صاحبها) أى : أمر محكوم به على صاحبها ؛ وذلك لأنك إذا قلت : جاء زيد راكبا أفاد ذلك أن زيدا ثبت له المجىء حال وصفه بالركوب وفى ضمن ذلك أن الركوب ثابت له ، وحينئذ فالركوب محكوم به على زيد لثبوته له ، وإنما قال فى المعنى ؛ لأن الحال فى اللفظ غير محكوم بها ؛ لأنها فضلة يتم الكلام بدونها (قوله : كالخبر بالنسبة إلى المبتدأ) فإنه محكوم به عليه فى المعنى بل وكذلك فى اللفظ فالتشبيه ناقص ؛ لأن الغرض منه إفادة مماثلة الحال للخبر من جهة أن كلا محكوم به فى المعنى على صاحبه وإن كان الخبر محكوما به عليه أيضا فى اللفظ بخلاف الحال (قوله : فإن قولك جاء زيد راكبا إثبات الركوب إلخ) كان الظاهر أن يقول : فإن فى
__________________
(١) النساء : ٧٩.
(٢) التوبة : ٢٥.
(٣) يونس : ٩٩.