أو يراد فى إحداهما المضى وفى الأخرى المضارعة فيقال : زيد قام وعمرو يقعد ، أو يراد فى إحداهما الإطلاق وفى الأخرى التقييد بالشرط كقوله تعالى : (وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ)(١) ...
______________________________________________________
أن يقول نحو : قام زيد ويقعد عمرو ، إلا أن يقال : إنه نبه بهذا المثال على أن الجملة الأولى إذا كان عجزها فعلية فالمناسب رعاية ذلك فى الثانية ، ولا يعدل عن التناسب فى العجزين إلا لمانع ، كما أن الجملتين الفعليتين الصرفتين أى : اللتين ليستا خبرا عن شىء يطلب التناسب بينهما إلا لمانع ـ فتأمل.
(قوله : أو يراد فى إحداهما الإطلاق إلخ) يؤخذ من هذا أن التوافق فى الإطلاق والتقييد من محسنات الوصل إلا لمانع ـ وهو كذلك كما يرشد إليه كلام المصنف ، حيث عبر بمن المفيدة أن من المحسنات غير ما ذكره وهو التوافق فى الإطلاق والتقييد كما تقدم التنبيه على ذلك (قوله : بالشرط) أى : بفعل الشرط والشرط ليس بشرط.
(قوله : (وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ)) أى : هلا أنزل عليه ملك فنؤمن به وننجو ، وقضى الأمر بهلاكهم وعدم إيمانهم لو أنزلنا ملكا فقضى الأمر عطف على جملة قالوا ، وجملة قضى الأمر مقيدة بفعل الشرط ، فالحاصل أن الجملة الأولى مطلقة ، والثانية مقيدة بالإنزال ؛ لأن الشرط مقيّد للجواب ، وإنما كانت عطفا على قالوا لا على المقول ؛ لأنها ليست من مقولهم بل من مقول المولى. قال العلامة اليعقوبى : ولا يخفى وجود الجامع بين الجملتين ؛ لأن الأولى تضمنت على ما يقولون أن نزول الملك يكون على تقدير وجوده سبب نجاتهم وإيمانهم ، وتضمنت الثانية أن نزوله سبب هلاكهم وعدم إيمانهم ، وسوق الجملتين لإفادة غرض واحد يتحقق فيه الجامع عند السبك مما يصحح العطف عندهم حتى فى الجملتين اللتين لفظ إحداهما خبر ولفظ الأخرى إنشاء ، فأحرى الشرطية وغيرها ، ولا يخفى تحقق الجامع بما ذكر من التأويل ؛ لأن الغرض من سوقهما بيان ما يكون نزول الملك سببا له ، فقد اشتركتا فى هذا المعنى وإن كان الصحيح ما أفادته الثانية فى نفس الأمر. اه.
__________________
(١) الأنعام : ٨.