مما يفوته الحصر ، فظهر أن ليس المراد بالجامع العقلى ما يدرك بالعقل ، وبالوهمى ما يدرك بالوهم ، وبالخيالى ما يدرك بالخيال ؛ لأن التضاد وشبهه ليسا من المعانى التى يدركها الوهم ، وكذا التقارن فى الخيال ليس من الصور التى تجتمع فى الخيال ، بل جميع ذلك معان معقولة ، وقد خفى هذا على كثير من الناس فاعترضوا بأن السواد والبياض ـ مثلا ـ من المحسوسات دون الوهميات ، ...
______________________________________________________
فلا بد أن يغترف من بحره (قوله : مما يفوته الحصر) أى : مما يتجاوزه ولا يتسلط عليه الحصر (قوله : فظهر) أى : من تفسير الشارح للجوامع الثلاثة بما تقدم (قوله : ما يدرك بالعقل) أى : خصوص ما يدرك بالعقل وهكذا ، بل المراد بالعقلى أمر بسببه يقتضى العقل الاجتماع فى المفكرة ، سواء كان من مدركاته بنفسه أو لا ، وبالوهمى أمر بسببه يقتضى الوهم الاجتماع فى المفكرة سواء كان من مدركاتها بنفسه أو لا ، وكذلك الخيال (قوله : لأن التضاد إلخ) لم يلتفت فى التعليل إلى الجامع العقلى لصحة إدراك العقل ما ذكره المصنف فيه من الاتحاد والتماثل والتضايف ، وإن كان الجامع العقلى قد يكون مدركا للوهم (قوله : ليس من الصور) أى : بل هو وصف للصور (قوله : بل جميع ذلك) أى : جميع الجوامع المتقدمة وهى سبعة (قوله : معان معقولة) أى : يدركها العقل لكونها معان كلية إن لم تضف إلى شىء أو أضيفت إلى كلى ، فإن أضيفت إلى جزئى كانت من مدركات الوهم فالتماثل مثلا إن اعتبر غير مضاف أو مضافا لكلى كان من مدركات العقل ، وإن اعتبر مضافا للجزئى كان من مدركات الوهم (قوله : وقد خفى هذا) أى : قولنا ليس المراد إلخ : على كثير من الناس ، فاعتقدوا أن الجامع العقلى هو ما يدرك بالعقل ، والجامع الوهمى هو ما يدرك بالوهم ، والجامع الخيالى هو ما يدرك بالخيال ، فاعترضوا إلخ.
(قوله : من المحسوسات إلخ) أى : وحينئذ فمقتضاه أن يكون الجامع بينهما خياليا ؛ لأن الخيال يدركهما بعد إدراك الحس المشترك فكيف يجعلهما المصنف من الوهميات ، ويجعل الجامع بينهما وهميا ، مع أن الوهم إنما يدرك المعانى الجزئية ، ولا يخفى ضعف هذا الاعتراض عند التأمل ؛ لأن الجامع ليس هو نفس الضدين كما لا يخفى حتى يصح هذا الاعتراض.