ولذلك اختلفت الصور الثابتة فى الخيالات ترتبا ووضوحا) فكم من صور لا انفكاك بينها فى خيال ، وهى فى خيال آخر مما لا تجتمع أصلا ، وكم من صور لا تغيب عن خيال وهى فى خيال آخر مما لا يقع قط.
______________________________________________________
العطف فى غير القرآن بذكر الأرض أولا ، ثم الجبال ، ثم السماء ، ثم الإبل لم يحسن ؛ لأن صور المذكورات لم تقترن فى خيال أصحابها على هذا الوجه فلم تتضح فيها كذلك ، والمعتبر خيال السامع ؛ لأنه الذى يراعى حاله فى غالب الخطاب لا خيال المتكلم (قوله : ولذلك) أى : ولأجل اختلاف أسباب التقارن اختلفت الصور الثابتة فى الخيال أى : التى من شأنها ذلك ، وأشار بقوله ترتبا ووضوحا إلى أن المختلف بسبب اختلاف الأسباب هو ترتب الصور ووضوحها باعتبار الخيالات (قوله : ترتبا ووضوحا) تمييز محول عن فاعل اختلفت أى : اختلف ترتب الصور ووضوحها ، والمراد بترتبها اجتماعها فى الخيال بحيث لا تنفك عن بعض ، والمراد بوضوحها عدم غيبتها عن الخيال كما يؤخذ من كلام الشارح أى : اختلفت اجتماعا وعدم اجتماع ، وضوحا وعدم وضوح.
(قوله : فكم من صور إلخ) أى : لأنه كم من صور وهذا التعليل راجع لما قبله على سبيل اللف والنشر المرتب ، فقوله فكم من صور لا انفكاك إلخ : راجع لاختلاف الصور ترتبا ، (وقوله : وكم من صور لا تغيب إلخ) راجع لاختلافها وضوحا ، (وقوله : فكم من صور لا انفكاك إلخ) كصورة القلم والدواة والقرطاس ، (وقوله : لا انفكاك بينها فى خيال) أى : كخيال الكاتب الذى تعلقت همته بالكتابة ، فإذا حضرت صورة أحدها فى خياله حضر صور الباقى ، وذلك لكثرة إلف خياله لها ، (وقوله : وهى فى آخر مما لا تجتمع) أى : كخيال النجار أو البناء فإن صور هذه المذكورات لا تجتمع فى خياله ، وإن استحضر واحدا منها بأن رآه لم يقارنه الباقى لقلة إلف خياله به ، وهذا مناسب لما قدرناه بقولنا : وعدم اجتماع (قوله : وكم من صور لا تغيب إلخ) أى : كصورة محبوب زيد ، فإنها لا تغيب عن خيال زيد ولا تقع فى خيال عمرو الذى هو غير محب ، وقول الشارح : وهى فى خيال آخر مما لا يقع قط هذا مناسب لما قدرناه سابقا بقولنا وعدم وضوح وقد علم من كلام الشارح هذا أن المراد بالترتب ارتباط الصور فى الخيال بحيث