(بأن يكون بين تصوريهما تقارن فى الخيال ...
______________________________________________________
لأن النسبة للخيال أخف من النسبة إلى المشترك إن نسب إلى الصفة ، ولم ينسب إلى الموصوف ، ولم يقل حسى مخافة اللبس بالنسبة إلى إحدى الحواس الخمس الظاهرة (قوله : وهو أمر بسببه يقتضى الخيال اجتماعهما فى المفكرة) أى : وإن كان العقل إذا خلى ونفسه لا يقضى بذلك الاجتماع ، ثم إنه لا يشترط أن يكون ذلك الأمر صورة تدرك بالخيال بعد الحس المشترك ، بل يكون خياليا ولو كان عقليا بسبب كونه كليا أو وهميا بسبب كونه جزئيا لا يدرك بالحواس ، فاندفع الاعتراض بأن التقارن عقلى ، إذ لا يحس فحقه أن يكون عقليا أو وهميا ، ووجه الاندفاع أن المراد بالجامع فى هذه القوى ما تتوصل كل قوة به إلى الجمع عند المفكرة لا ما يدرك بتلك بالخصوص وهو ظاهر غير أنه يرد عليه أن يقال : التوصل إلى الجمع إنما يكون بإدراك المتوصل به ، وكيف تتوصل قوة من تلك القوى إلى جمع المتعاطفات بشىء لا يدرك بها ، والجواب أن هذه القوى لا يختص إدراكها بما اختصت به ، بل تدرك غيره أيضا ، لكن بعد أن تأخذه عن السابق إليه وهو قوته المختصة بإدراكه أولا ، ولذلك يحكم العقل على الجزئيات ، ويحكم الوهم على الكليات أو الحسيات ، ويحكم الخيال على المعانى بعد تصوير الوهم إياها بصور المحسوسات والحكم على الشىء فرع عن تصوره وإدراكه ، فعلى هذا الجامع العقلى يقتضى بسببه العقل الجمع عند المفكرة ، ولو سبق إليه الوهم لكونه مدركا له بالخصوص أولا ، فأخذ منه العقل والجامع الوهمى ما يحتال بسببه الوهم على الجمع عند المفكرة ، ولو سبق إليه الخيال لكونه مدركا له بالخصوص أولا ، أو سبق إليه العقل لكونه كذلك بالنسبة إليه ، ثم أخذه الوهم من أحدهما ، والجامع الخيالى هو ما يتعلق بالصور الخيالية ولو كان عقليا أو وهميا فى أصله. اه يعقوبى.
وسيأتى ذلك أيضا فى الشرح (قوله : بأن يكون بين تصوريهما) الضمير للشيئين ، وسيأتى الاعتراض على هذه العبارة فى الشرح ، والصواب بأن يكون بينهما (قوله : تقارن فى الخيال) أى : خيال المخاطب على ما فى الأطول وهو مبنى على الغالب من مراعاة حال المخاطب ، والمراد بتقارنهما فى الخيال تقارنهما فيه عند التذكر والإحضار ،