يعنى : أن ذلك مبنى على حكم الوهم ، وإلا فالعقل يتعقل كلا منهما ذاهلا عن الآخر.
(أو خيالى) وهو أمر بسببه يقتضى الخيال اجتماعهما فى المفكرة ، وذلك
______________________________________________________
الغير المتضادة أى : بعضها مع بعض ، فإذا خطر السواد فى الوهم كان ذلك أقرب لخطور البياض فيه من خطور القيام والقعود والأكل والشرب فيه ؛ وذلك لأن هذه لا يجمعها الوهم لعدم غلبة خطورها مع ما يغايرها مما سوى الضد بخلاف الضدين ، فإن الوهم يحكم باجتماعهما والسبب فى ذلك أن المقابل للشىء فيه ما يشعر بمنافاة مقابله فيستنشق منه ذلك المقابل والوهم لا يبحث عن صحة وجود أحدهما بدون الآخر ، فلذا حكم بالاجتماع (قوله : يعنى أن ذلك) أى : كون التضاد وشبهه جامعا مبنى على حكم الوهم أى : تصوره وإدراكه حكما على خلاف الواقع بتلازمهما فى الحضور عنده ، فقد جاز إذا لحوق الضدين بالمتضايفين (قوله : على حكم الوهم) أى : لا على العقل ، (وقوله : وإلا) أى : وإلا نقل على حكم الوهم ، بل قلنا على حكم العقل فلا يصح ؛ لأن العقل يتعقل كلا منهما ذاهلا عن الآخر بخلاف المتضايفين ، وحينئذ فلا يحكم بتلازمهما فى الحضور عنده فلا يكون التضاد وشبهه جامعا عقليا.
(قوله : أو خيالى وهو أمر إلخ) أنت خبير بأن الذى أوجب الجمع بين الشيئين عند المفكرة هو قوة العقل المدركة لا خزانتها ، وكذلك فى الوهم كما تقدم ، وقد خالف هنا فلم يجعل القوة المدركة للصور الحسية التى هى الحس المشترك مقتضية للجمع فى المفكرة ، بل جعل خزانتها التى هى الخيال هى المقتضية لذلك ، فكان المناسب حيث جعل القوة التى جمعت بين الشيئين عند المفكرة هى القوة المدركة فى العقلى والوهمى أن يجعلها كذلك فى الخيال فيسميه حسيا ، لكن تساهل فجعلها هى الخيال التى هى الخزانة للحس المشترك إشارة إلى أن هذه القوى يمكن أن ينسب حكم المدركة منها إلى خزانتها ، والعكس من جهة أن هذه القوى كما قيل بمنزلة المرائى المقابل بعضها لبعض فهى يرتسم فى كل منها ما ارتسم فى الآخر ، تأمل. اه يعقوبى.
ومن هنا علم أن قول الشارح : يقتضى الخيال فيه مسامحة أى : يقتضى الحس المشترك الذى خزانته الخيال كما مر ، ويمكن أن يقال : لم ينسب الجامع للحس المشترك ؛