لأن قوله : (لا تَعْبُدُونَ) إخبار فى معنى الإنشاء (أى : لا تعبدوا) وقوله (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) لا بد له من فعل ، فإما أن يقدر خبرا فى معنى الطلب ؛ أى (وتحسنون ؛ بمعنى : أحسنوا) فتكون الجملتان خبرا لفظا ، إنشاء معنى ، وفائدة تقدير الخبر ثم جعله بمعنى الإنشاء : إما لفظا : فالملاءمة مع قوله : (لا تَعْبُدُونَ) وإما معنى : فالمبالغة باعتبار أن المخاطب كأنه سارع إلى الامتثال فهو يخبر عنه ؛ كما تقول : تذهب إلى فلان تقول له : كذا ـ تريد الأمر ـ أى : اذهب إلى فلان فقل له : كذا ؛ وهو أبلغ من الصريح.
______________________________________________________
الإنشائية لفظا ومعنى على الإنشائية معنى الخبرية لفظا ، وعلى الاحتمال الثانى من عطف الإنشائية لفظا ومعنى على مثلها ، وحينئذ فيكون وقولوا محتملا لقسمين كالذى قبله قلت هذا ، وإن كان جائزا فى نفسه بناء على أن المعطوفات إذا تكررت يكون كل منها معطوفا على ما قبله وهو أحد قولين ، لكن الشارح لم يقل به ؛ لأن الجمهور من النحاة على خلافه ، حيث كان العطف بحرف غير مرتب (قوله : لأن قوله لا تعبدون إخبار فى معنى الإنشاء) وذلك لأن أخذ الميثاق يقتضى الأمر والنهى ، فإذا وقع بعده خبر أول بالأمر أو بالنهى كما هنا أى : لا تعبدوا غير الله وكل منهما إنشاء.
(قوله : لا بد له من فعل) لأن قوله : وبالوالدين معمول لا بد له من عامل يعمل فى محصله النصب والأصل فيه أن يكون فعلا (قوله : فإما أن يقدر خبرا فى معنى الطلب) أى : بقرينة المعطوف عليه وهو قوله : لا تعبدون (قوله : فتكون الجملتان إلخ) أى : وهما قوله : لا تعبدون إلا الله ، وقوله : وتحسنون المقدر (قوله : وفائدة تقدير الخبر) هو مبتدأ محذوف الخبر أى : ظاهرة لفظا ومعنى ، أما لفظا إلخ (قوله : فالملاءمة) أى : المناسبة بينه وبين قوله : لا تعبدون من جهة أن كلا خبر مراد منه الطلب (قوله : كأنه سارع إلخ) إن قلت ما ذكره إنما يصح لو كان الإخبار بلفظ الماضى ـ قلت : وكذلك بالحال ـ أفاده عبد الحكيم.
(قوله : فهو) أى : المتكلم يخبر عنه أى : عن المأمور به المفهوم من الامتثال (قوله : تريد الأمر) أى : تريد بلفظ تذهب (قوله : وهو) أى : التعبير بالخبر مكان الأمر أبلغ من الصريح أى : أبلغ من صريح الأمر ويقاس عليه ما يقال إن التعبير بالخبر مكان