كما يقال : لا ينبغى أن يعبد غير الله فالله هو المستحق للعبادة ؛ وفيه نظر ؛ إذ ليس كل ما فيه معنى الشىء حكمه حكم ذلك الشىء ، والطبع المستقيم شاهد صدق على صحة قولنا : لا تضرب زيدا فهو أخوك بالفاء ، بخلاف : أتضرب زيدا فهو أخوك؟ استفهام إنكار فإنه لا يصح إلا بالواو الحالية.
(ومنها) أى : من أنواع الطلب (: النداء) ...
______________________________________________________
المسبب على السبب بحسب العلم (قوله : كما يقال إلخ) هذا تنظير بمتفق عليه ؛ وذلك لأن الفاء هنا للسببية لترتب ما بعدها على ما قبلها ترتب العلة على المعلول وليست رابطة لجواب شرط مقدر فمثلها الفاء فى الآية ؛ لأن أم اتخذوا فى معنى لا ينبغى أن يتخذوا (قوله : وفيه نظر) أى : فى ذلك القيل نظر (قوله : إذ ليس كل ما فيه معنى الشىء) ما نكرة واقعة على اللفظ وفيه صفة لها ، وقوله معنى الشىء : فاعل بالظرف ، والشىء مضاف إليه وهو واقع على اللفظ أيضا ، وقوله حكمه بالنصب : خبر ليس ، والضمير المضاف إليه يرجع إلى ما وحكمه الثانى : منصوب على أنه مفعول مطلق أى : ليس حكمه كحكمه ، وضميره راجع للشىء أى : ليس كل لفظ فيه معنى لفظ آخر حكمه كحكم ذلك اللفظ الآخر ، مثلا الهمزة التى للإنكار فى قوله : أم اتخذوا وإن كان فيها معنى" لا ينبغى" ، لكن ليس حكمها حكم" لا ينبغى" ؛ لأن الفاء بعد لا ينبغى للتعليل بخلافها بعد أم اتخذوا.
(قوله : والطبع) أى : العقل (قوله : لا تضرب زيدا) بضم الباء على أن لا نافية أى : لا ينبغى أن تضربه ، وقوله : بالفاء أى : التعليلية العاطفة لجملة خبرية على مثلها (قوله : استفهام إنكار) أى : حال كونه استفهام إنكار بمعنى لا ينبغى (قوله : فإنه لا يصح إلا بالواو الحالية) أى : لا بالفاء لما فيه من عطف الجملة الخبرية على الإنشائية وإن كان الاستفهام بمعنى النفى كقولنا : أتضرب زيدا فى معنى لا تضرب زيدا ، أى : لا ينبغى أن تضربه ، واعترض على ما ذكره الشارح من عدم صحة الفاء بقول أبى تمام :
أحاولت إرشادى فعقلى مرشدى |
|
أم اشتقت تأديبى فدهرى مؤدّبى (١) |
__________________
(١) البيت من قصيدة يمدح فيها عياش بن لهيعة الحضرمى ، فى ديوانه ص ٣١.