أى : ما حقيقة مسمى هذا اللفظ ؛ فيجاب بإيراد ذاتياته ...
______________________________________________________
باعتبار الإجمال والتفصيل ، وأما اختلاف المبتدأ والخبر فبإطلاق المبتدأ وتقييد الخبر بالسبب ، أو بملاحظة المبتدأ نوعا مخصوصا مع قطع النظر عن العنونة عنه بكذا ، والخبر نوعا مخصوصا معنونا عنه بكذا ، ووصف الشارح الحقيقة بالتى هو بها إشارة إلى أن المراد بالحقيقة الماهية الثابتة فى نفس الأمر التى بها تحققت أفراد الشىء بحيث لا يزاد فى الخارج عليها إلا العوارض ، كأن يقال ما الإنسان؟ فيقال الحيوان الناطق ، فأفراد الإنسان لا تزيد على هذه الحقيقة إلا بالعوارض ولم يرد المصنف بالماهية الماهية التفصيلية ولو لم يوجد لها فرد ، والدليل على أن مراد المصنف بالماهية الحقيقية الثابتة فى نفس الأمر ، لا مطلق ماهية تفصيلية ولو معدومة قوله وتقع هل البسيطة فى الترتيب بينهما ؛ لأن الماهية الوجودية هى التى تقع هل بينها وبين شرح الاسم ، وقوله كقولنا ما الحركة ، ولا شك أنها موجودة الأفراد.
(قوله : أى ما حقيقة مسمى هذا اللفظ) مسماه نوع مخصوص من العرض ، وحقيقة ذلك المسمى الذاتيات التى يجاب بها بأن يقال فى الجواب مثلا هى حصول الجرم حصولا أولا فى الحيز الثانى (قوله : فيجاب بإيراد ذاتياته) من الجنس والفصل كأن يقال فى جواب ما الإنسان؟ حيوان ناطق بعد معرفة أن الإنسان شىء موجود فى نفسه ، وإنما قيدوا بذلك لأجل أن يكون الجواب تعريفا حقيقيا ، وإلا كان تعريفا اسميا وكانت ما هى التى يطلب بها شرح الاسم لا التى يطلب بها الماهية وربما تذكر الرسوم فى مقام الحدود توسعا أو اضطرارا كما فى شرح الإشارات ، وحينئذ فقول الشارح فيجاب بالذاتيات أى : حق الجواب عن ما التى لطلب شرح الماهية أن يكون كذلك ، ولذلك لما سأل فرعون موسى عن حقيقة الله بقوله : (وَما رَبُّ الْعالَمِينَ)(١) أجابه موسى بذكر بعض خواصه وصفاته تعالى حيث قال (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ)(٢) تنبيها على أن حقيقته تعالى لا تعلم إلا بذكر الفصول المقومة لها ولا مقوم لها ، إذ لا تركيب فيه سبحانه وتعالى ولما لم يتنبه فرعون لذلك ، بل عد جوابه غير مطابق
__________________
(١) الشعراء : ٢٣.
(٢) الشعراء : ٢٤.