بالموصوف) لتحصل الفائدة (نحو : (إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ)) (١) فإنه يمتنع أن يقال : لا الذين لا يسمعون ؛ لأن الاستجابة لا تكون إلا ممن يسمع بخلاف : إنما يقوم زيد لا عمرو ؛ إذ القيام ليس مما يختص بزيد ، وقال الشيخ (عبد القاهر
______________________________________________________
اختصاص الوصف بالموصوف أو الموصوف بالصفة بحسب المقام والمشترط فى المجامعة عدم اختصاص الوصف فى نفسه بالموصوف وعدم اختصاص الموصوف فى نفسه بالصفة ، ثم إن قوله : شرط مجامعته للثالث أن لا يكون الوصف مختصا ظاهره أن هذا لا يشترط فى صورة التقديم ، فيصح أن تقول من يسمع يسمع لا غير من يسمع وانظره (قوله : بالموصوف) الباء داخلة على المقصور عليه بقرينة المثال (قوله : لتحصل الفائدة) أى : فى مجامعة النفى بلا لإنما أى : ولو كان الوصف مختصا بالموصوف لعدمت الفائدة ؛ لأن الوصف إذا كان مختصا بالنظر إلى نفسه تنبه المخاطب للاختصاص بأدنى تنبيه على ذلك ، ويكفى فيه كلمة إنما ، فلا فائدة فى جمع لا معه والقصد إلى زيادة التحقيق إنما يناسب الحكم الذى يحتمل عدم الاختصاص فيصر المخاطب على إنكاره (قوله : نحو (إِنَّما يَسْتَجِيبُ) إلخ) هذا المثال للمنفى أى : فإن كان الوصف مختصا فلا يجئ النفى بلا كما فى قوله تعالى : (إِنَّما يَسْتَجِيبُ) إلخ أى : إنما يستجيب دعاءك للإيمان الذين يسمعون سماع تدبر وإذعان وقبول وهم المؤمنون أى : من أراد الله إيمانهم ، فالذين فاعل والمفعول محذوف كما ترى ومثل الآية المذكورة فى اختصاص الوصف الكائن فيها بالموصوف (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها)(٢) ، فإنه معلوم أن الإنذار إنما يكون لمن يؤمن بالله ويخشى الأهوال والعواقب فلا يجوز أن يقال لا من لا يخشاها (قوله : لا تكون إلا ممن يسمع) أى : فإذا قيل لا الذين لا يسمعون كان ذلك حشوا فى الكلام فلا يقبل ، فإن قلت : إن فائدة القصر أن يعتقد المخاطب خلافه والمخاطب هنا ليس كذلك ؛ لأن كل عاقل يعلم أن الاستجابة إنما تكون ممن يسمع أجيب بأن الكفار نزلوا منزلة من لا يسمع له لعدم قبولهم الحق والنبى ـ عليه الصلاة والسّلام ـ لشدة حرصه على إيمان الكفار نزل منزلة من يعتقد الاستجابة ممن لا يسمع ، فخوطب بقصر الاستجابة
__________________
(١) الأنعام : ٣٦.
(٢) النازعات : ٤٥.