أن يخص المدافع لا المدافع عنه فصل الضمير وأخره ؛ إذ لو قال : وإنما أدافع عن أحسابهم لصار المعنى أنه يدافع عن أحسابهم لا عن أحساب غيرهم ؛ وهو ليس بمقصود ، ولا يجوز أن يقال : إنه محمول على الضرورة ؛ لأنه كان يصح أن يقال : إنما أدافع عن أحسابهم أنا ؛ على أن يكون أنا تأكيدا ؛ ...
______________________________________________________
كان غرض الفرزدق الحصر الأول دون الثانى ارتكب التعبير الأول المفيد له ، وعلمنا أن ذلك غرضه من خارج وهو قرينة المدح (قوله : أن يخص المدافع) أى : بالمدافعة فهو من قصر الصفة على الموصوف والمدافع على صيغة اسم الفاعل (قوله : لا المدافع عنه) أى : هو الأحساب (قوله : فصل الضمير) أى : فى الاختيار وقوله وأخره أى : عن الأحساب لوجوب تأخير المحصور فيه عن المحصور (قوله : إذ لو قال) علة لمحذوف أى : ولو أخر الأحساب وأوصل الضمير بالفعل لفات ذلك الغرض ، إذ لو قال إلخ (قوله : لصار المعنى إلخ) أى : فيكون من قصر الموصوف على الصفة (قوله : وهو ليس بمقصود) أى : لما فيه من القصور فى المدح مع أن المقام مقام المبالغة ؛ لأنه فى معرض التفاخر وعد المآثر على أن المدافعة عن أحساب معينة تتأتى ممن هو مكروه لابطل.
(قوله : ولا يجوز أن يقال) أى : فى منع الاستشهاد بالبيت ، وحاصله أن ما ذكرتموه من أن فصل الضمير وتأخيره دليل على الحصر ؛ لأن ذلك الفصل إنما هو لتقدير فاصل ـ وهو إلا ـ ممنوع ، إذ لا نسلم أن ذلك الفصل لتقدير فاصل وما المانع من أن يكون الفصل للضرورة ؛ لأنه لو قيل وإنما أدافع عن أحسابهم أو مثلى لا نكسر البيت فعدل إلى فعل الغيبة ؛ لأنه هو الذى يمكن معه الفصل دون فعل المتكلم لوجوب استتار الضمير فيه وحينئذ فلا يكون فصل الضمير مع إنما فى البيت لتضمنه معنى ما وإلا فلم يتم الاستدلال (قوله : لأنه كان إلخ) حاصل ذلك الجواب أن هنا مندوحة عن ارتكاب الفصل المحوج لجعل الفعل غيبة وهو أن يؤتى بفعل المتكلم ، ثم يؤتى بالضمير لتأكيد المستكن لا أنه فاعل مفصول وذلك بأن يقال مثلا : وإنما أدافع عن أحسابهم أنا ، والوزن واحد ، فلو لم يكن الحصر الموجب لفصل ضمير الفاعل مقصودا لأتى بالتركيب هكذا فيتجه أن يدعى أنه لا فصل للفاعل فلا قصر ، وهذا الجواب إنما يتم بناء على قول ابن