وهذا أوقع فى النفس (بخلاف) ما إذا كان تعلق فعل المشيئة به غريبا فإنه لا يحذف حينئذ كما فى (نحو :) قوله :
(ولو شئت أن أبكى دما لبكيته) |
|
عليه ولكن ساحة الصبر أوسع |
______________________________________________________
اسم صار لجواب ، وحينئذ فيكون مبينا بصيغة اسم الفاعل ، والحاصل أن ذلك المفعول دل عليه كل من الشرط والجواب ، لكن الشرط دل عليه إجمالا والجواب دل عليه تفصيلا فجهة الدلالة مختلفة ، وإنما دل الجواب عليه ؛ لأن سوق المشيئة شرطا يدل غالبا على أن المترتب عليها هو المشاء ، والمراد الذى هو المفعول الذى وقعت عليه الإشاءة والإرادة (قوله : وهذا) أى : البيان بعد الإبهام أوقع فى النفس أى : لما قلناه سابقا (قوله : بخلاف إلخ) الظاهر أنه مرتبط بالمثال أى : أن عدم غرابة التعلق نحو : (فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ)(١) بخلاف إلخ ، فإنه غريب إلخ هذا هو المناسب للمتن والمناسب لقول الشارح بخلاف ما إذا كان إلخ إن يتعلق بقوله ما لم يكن تعلقه إلخ (قوله : غريبا) أى : نادرا (قوله : فإنه لا يحذف) أى : لا يستحسن حذفه (قوله : كما فى نحو قوله) (٢) أى : قول أبى الهندام الخزاعى يرثى ابنه الهندام ، ومطلع القصيدة التى منها ذلك البيت :
قضى وطرا منك الحبيب المودّع |
|
ومثل الذى لا يستطاع فيدفع |
إلى أن قال : ولو شئت إلخ وبعده
وأعددته ذخرا لكل ملمّة |
|
وسهم الرزايا بالذّخائر مولع |
وإنى وإن أظهرت منى جلادة |
|
وصانعت أعداء عليه لموجع |
(قوله : لبكيته) بفتح الكاف ، وقوله عليه : متعلق بأبكى والضمير عائد على ولده الهندام ، وقوله ولكن ساحة الصبر أوسع أى : من ساحة البكاء ولا يخفى ما فى قوله ساحة الصبر من الاستعارة بالكناية والمعنى إن ما بى من الأحزان يوجب بكاء الدم عليه ،
__________________
(١) الأنعام : ١٤٩.
(٢) الأبيات من الطويل ، وهى للخريمى ، إسحاق بن حسان السغدى ، يرثى بها عثمان بن عامر بن عمارة بن خريم الذبيانى ، أحد قواد الرشيد وهذا خلاف ما ذكره المؤلف ، والبيت موضع الشاهد (ولو شئت) فى دلائل الإعجاز / ١٦٤ ، والكامل ١ / ٢٥١ والتبيان / ١٩٣ تحقيق د / عبد الحميد هنداوى.