انفصالهما بالقسم أو بـ «لا» النافية ، يقال : «آتيك» ، فتقول : «إذن أكرمك» ، ولو قلت : «أنا إذن» ، قلت : «أكرمك» بالرّفع ، لفوات التّصدير ، فأما قوله [من الرجز] :
٢١ ـ لا تتركنّي فيهم شطيرا |
|
إنّي إذا أهلك أو أطيرا |
فمؤوّل على حذف خبر «إنّ» أي : إنّي لا أقدر على ذلك ، ثم استأنف ما بعده ، ولو قلت : «إذا يا عبد الله» ، قلت : «أكرمك» بالرفع ، للفصل بغير ما ذكرنا ، وأجاز ابن
______________________________________________________
انفصالهما) لا بأي شيء كان مطلقا بل (بالقسم) نحو قولك : إذن والله أكرمك بنصب الفعل في جواب من قال سأجيء إليك (أو بلا النافية) كقولك : إذن لا أهينك بالنصب جوابا لمن قال : سأفعل ما قلت ، (يقال : آتيك فتقول : إذن أكرمك) بالنصب لاجتماع الشروط (ولو قلت : أنا إذن قلت : أكرمك بالرفع لفوات التصدير) بسبب وقوعها حشوا واعتماد ما بعدها على ما قبلها ؛ قال ابن الحاجب في «شرح المفصل» : وإنما لم تعمل معتمدا ما بعدها على ما قبلها ؛ لأنه أي : لأن الواقع بعدها ثابت لما قبلها قبل مجيئها ، ومجيئها في مثله لغرض معنى يحصل بلفظها مع بقاء المعنى الأول ، فبقي كما كان عليه قبل مجيئها إيذانا ببقاء المعنى ، وكراهة أن يتوهم تغير المعنى فيه بسببها ، بخلاف قولك : زيد لن أكرمه وشبهه ؛ فإنه ليس كذلك ، وقال تلميذ ابن الحاجب ؛ إنما لم تعمل مع الاعتماد لضعفها بسبب وقوعها حشوا (فأما قوله :
لا تتركني فيهم شطيرا |
|
إني إذن أهلك وأطيرا) (١) |
شطيرا بشين معجمة وطاء مهملة أي : غريبا ، وأهلك بكسر اللام مضارع هلك بفتحها ، وهذا يرد نقضا على اشتراط التصدير فإنه أعملها في البيت مع كون ما بعدها معتمدا على ما قبلها ، إذ هو خبر فأجاب عنه بقوله : (فمؤول على حذف خبر إن ، أي : إني لا أقدر على ذلك ، ثم استأنف ما بعده) فجاء النصب لتحقق شرطه ، وذكر الرضي في تخريجه وجها آخر ، وهو أن يكون الخبر مجموع قوله إذن أهلك لا أهلك وحده.
قلت : يعني أن المانع الذي هو اعتماد ما بعدها على ما قبلها فقط منتف ؛ إذ المعتمد هنا هو المجموع لا ما بعدها فقط ، وفيه نظر إذ مقتضاه جواز مثل قوله زيد إذن يقيم الصلاة ، بالنصب على أن يجعل الخبر هو المجموع من إذن وما دخلت عليه ، وظاهر كلامهم يأباه.
(ولو قلت إذا يا عبد الله قلت : أكرمك بالرفع للفصل بغير ما ذكرنا) إذ الفصل وقع هنا
__________________
(١) البيت من البحر الرجز ، وهو بدون نسبة في الإنصاف في مسائل الخلاف ١ / ١٧٧ ، واللباب في علل البناء والإعراب ١ / ٢١١ ، والأغاني ٢ / ٤١٧.