وتراخيه في الإعجاب وظهور القدرة ، لا لترتيب الزمان وتراخيه.
الخامس : أن «ثمّ» لترتيب الإخبار لا لترتيب الحكم ، وأنه يقال : «بلغني ما صنعت اليوم ثمّ ما صنعت أمس أعجب» ، أي : ثم أخبرك أن الذي صنعته أمس أعجب.
والأجوبة السابقة أنفع من هذا الجواب ، لأنها تصحّح الترتيب والمهلة ، وهذا يصحّح الترتيب فقط ؛ إذ لا تراخي بين الإخبارين ، ولكن الجواب الأخير أعمّ ؛ لأنه يصحّ أن يجاب به عن الآية الأخيرة والبيت.
وقد أجيب عن الآية الثانية
______________________________________________________
وتراخيه في الإعجاب وظهور القدرة ، لا لترتيب الزمان وتراخيه) وهذا مأخوذ من كلام الزمخشري ، فإنه قال : هما آيتان من جملة الآيات ، تشعيب هذا الخلق الفائت للحصر من نفس آدم ، وخلق حوّاء من قصيراه إلا أن إحداهما جعلها الله عادة مستمرة ، والأخرى لم تجر بها العادة ، ولم يخلق غير حوّاء من قصيرى رجل فكانت أدخل في كونها آية ، وأجلب لعجب السامع ، فعطفها بثم على الآية الأولى ، للدلالة على مباينتها فضلا ومزية ، فهو من التراخي في الحال والمنزلة لا من التراخي في الوجود. اه.
وقال صاحب «الفرائد» أي : مانع يمنع من أن يكون التراخي في الوجود ، ولعل خلق حوّاء من آدم بعد مدة ، ورد بأن المانع ظاهر وذلك ؛ لأن الجعل لم يعطف على خلق آدم ، فكيف يصح أن يكون خلق حوّاء متأخرا في الوجود عن خلق الذرية.
(الخامس أن ثم لترتيب الإخبار) في الآية المذكورة (لا لترتيب الحكم ، وأنه يقال : بلغني ما صنعت اليوم ثم ما صنعت أمس أعجب ، أي : ثم أخبرك أن الذي صنعت أمس أعجب ، والأجوبة السابقة أنفع من هذا الجواب) الأخير ؛ (لأنها تصحح الترتيب والمهلة) ، ففيها توفير معنى الكلمة الذي وضعت له عليها ؛ لأن ثم وضعت مفيدة للتشريك والترتيب والمهلة ، (وهذا) الجواب الأخير (يصحح الترتيب فقط ؛ إذ لا تراخي بين الإخبارين) ضرورة أن أحدهما متعقب الآخر ومتصل به بلا مهلة ، ففيه تفويت بعض ما وضعت ثم له من إفادة المهلة ، (ولكن الجواب الأخير أعم) من تلك الأجوبة ؛ (لأنه يصح أن يجاب عن الآية الأخيرة) وهي (ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ١٥٣ ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) [الأنعام : ١٥٣ ـ ١٥٤] ، (والبيت) المتضمن لسيادة الابن ثم الأب ثم الجد ، فإن اعتبار الترتيب بالنسبة إلى الإخبار فيهما ممكن ، ووجهه في البيت أن سيادة الأب وإن كانت متقدّمة على سيادة الابن ، لكن أخرها عنها ؛ لأن سيادة نفسه آخرية من سيادة أبيه ، وكذا سيادة الأب بالنسبة إلى سيادة الجد ، ولا يخفى أن تلك الأجوبة الأربعة لا تجري في الآية الأخيرة ، ولا في البيت المذكور ، (وقد أجيب عن الآية الثانية) وهي آية السجدة