وفي كلّ منها خلاف.
فأمّا التّشريك فزعم الأخفش والكوفيّون أنه قد يتخلّف ، وذلك بأن تقع زائدة ، فلا تكون عاطفة ألبتّة ، وحملوا على ذلك قوله تعالى : (حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ) [التوبة : ١٨] وقول زهير [من الطويل] :
٧٣ ـ أراني إذا أصبحت أصبحت ذا هوى |
|
فثمّ إذا أمسيت أمسيت غاديا |
وخرّجت الآية على تقدير الجواب ، والبيت على زيادة الفاء.
______________________________________________________
هذا هو أصل وضعها ، (وفي كل منها خلاف.
فأما التشريك فزعم الأخفش والكوفيون أنه قد يتخلف ، وذلك بأن تقع زائدة فلا تكون عاطفة البتة) ، وحينئذ فالخلاف في وقوعها زائدة غير عاطفة لا في اقتضائها التشريك مع كونها عاطفة ، فالعبارة غير محررة ، وفي ظاهرها تدافع (حملوا على ذلك قوله تعالى : (حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ) [التوبة : ١١٨]) أي : مع سعتها (وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ) أي : من فرط الوحشية والغم (وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَيْهِ) أي : وعلموا أن لا ملجأ من سخط الله إلا إلى استغفاره ، (ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ) فثم زائدة والجواب هو قوله تاب عليهم ، وهؤلاء هم الثلاثة الذين خلفوا مرارة بن الربيع ، وكعب بن مالك ، وهلال بن أمية أول أسمائهم مكة وآخر أسماء أبائهم عكة ، (وقول زهير) بنصب قول عطفا على المنصوب والمتقدم ، أي : وحملوا على ذلك قول زهير :
(أراني إذا أصبحت أصبحت ذا هوى |
|
فثم إذا أمسيت أمسيت عاديا) (١) |
يقول : أصبح ذا هوى وأمسى تاركا له متجاوزا عنه يقال عدا فلان هذا الأمر إذا تجاوزه وتركه ، فثم زائدة والمعنى : فإذا أمسيت ، (وخرجت الآية على تقدير الجواب) وما بعد ثم معطوف عليه ، والتقدير : حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت ، وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا لا ملجأ من الله إلا إليه لجؤوا إلى الله وتابوا ، ثم تاب عليهم ، أي : قبل توبتهم ، (والبيت على زيادة الفاء) ؛ لأنها قد عهدت زيادتها في بعض المواضع بيقين ، ولم تعهد زيادة ثم بيقين ،
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو لزهير بن أبي سلمى في الأشباه والنظائر ١ / ١١١ ، وخزانة الأدب ٨ / ٤٩٠ ، وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب ١ / ٢٦٤.