إذ التقدير : بل ربّ بلد موصوف بهذا الوصف قطعته. ووهم بعضهم فزعم أنها تستعمل جارّة.
وإن تلاها مفرد فهي عاطفة ؛ ثم إن تقدّمها أمر أو إيجاب
______________________________________________________
كأنها الأسد في عرينتهم |
|
ونحن كالليل جاش في قتمه (١) |
العرين المحل الذي يأوى إليه الأسد وكذا العرينة ، قال الجوهري : وأصل العرين جماعة الشجر ، وجاش كأنه مستعار من قولهم : جاش البحر إذا زخر وجاشت القدر إذا غلت ، والقتم السواد ، قال ابن جني : ينبغي أن يكون أراد في قتامه فحذف الألف تخفيفا ، كما روينا عن قطرب من قول الشاعر :
ألا لا بارك الله في سهيل |
|
إذا ما الله بارك في الرجال (٢) |
وكما قال الآخر :
مثل النقى لبده ضرب من الظلل (٣)
يريد الظلال ، وقد يجوز أن يكونا لغتين فعلا وفعالا كزمن وزمان ، وقال الإمام المرزوقي : والقتام والقتم والقتمة تجيء في الظلمة والغبار والريح ، وجاء الفعل منه فقيل : قتم يقتم قتما وقتاما ، وذكر بعضهم أنه أراد القتام وحذف الألف كما قال :
ألا لا بارك الله في سهيل (٤)
ومصدر ما كان على فعل الفعل في الأكثر فلا أدري لم أنكره حتى اعتذر بما ذكره ؛ (إذ التقدير) تعليل لدخولها على الجملة في البيت المذكور ، أي : لأن التقدير (بل رب بلد موصوف بهذا الوصف قطعته) فبلد مجرور برب ، والمتعلق محذوف فثبت وقوع الجملة فيه بعد بل ، (ووهم بعضهم فزعم أنها تستعمل جارة) بمنزلة رب قد ، حكى ابن مالك وابن عصفور الاتفاق على أن الجر بعد بل لا بها ، وقال الرضي : أما الفاء وبل فلا خلاف عندهم أن الجر ليس بهما بل برب المقدرة بعدهما ، (وإن تلاها مفرد فهي عاطفة ، ثم إن تقدمها أمر أو إيجاب) أي : أو
__________________
(١) البيت من البحر المنسرح ، وهو لرجل من حمير في ديوان الحماسة ١ / ١٢٢.
(٢) البيت من البحر الوافر ، وهو بلا نسبة في خزانة الأدب ١٠ / ٣٤١ ، ولسان العرب ١٣ / ٤٧١ (أله) ، وتاج العروس (أله).
(٣) البيت من البحر البسيط ، وهو لابن الأعرابي في لسان العرب مادة طلل. وبلا نسبة في الخصائص ٣ / ١٣٤.
(٤) تقدم تخريجه.