والثانية كالواقعة في قولهم : «ادخلوا الأوّل فالأوّل» ، و «جاؤوا الجمّاء الغفير» ، وقراءة بعضهم : (لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ) [المنافقون : ٨] بفتح الياء ، لأن الحال واجبة التنكير ، فإن قدرت «الأذلّ» مفعولا مطلقا على حذف مضاف ، أي : خروج الأذّل كما قدره الزمخشري لم يحتج إلى دعوى زيادة «أل».
* * *
______________________________________________________
اعتبارها وهو العلمية ، وابن أوبر يمكن مثل ذلك فيه فإن أوبر صفة في الأصل كما مر ، يقال : هذا أو بر أي : كثير الوبر فإذا جعل علما منع الصرف للعلمية والوزن ، وإذا نكر منع الصرف أيضا اعتبارا للصفة الأصلية مع الوزن ، ويمكن أن تكون أل فيه للتعريف ، نعم ما قاله المصنف يتمشى على رأي الأخفش القائل بأن مثل أحمر إذا نكر بعد التسمية يصرف ، وللمبرد أن لا يلتزمه فلا يتم الرد عليه ، ولا يخفاك أن الأعلام الإضافية يجري على جزئها الثاني حكم ما لو كان علما وحده كأوبر وهريرة من ابن أوبر وأبي هريرة ، فلا يستنكر قولنا إذا جعل ابن أوبر علما من جهة أن الكلام فيما إذا كان جزء علم.
(والثانية) : وهي الواقعة في شذوذ من النثر (كالواقعة في قولهم : ادخلوا الأول فالأول) أي : مترتبين ، (وجاؤوا الجماء الغفير) والجماء من الجم وهو الكثير ، يقال : امرأة جماء المرافق أي : كثيرة اللحم على المرافق ، والغفير من الغفر وهو الستر بمعنى الغافر أي : الساترين لكثرتهم وجه الأرض ، حذفت التاء حملا للفعل بمعنى الفاعل على الفعيل بمعنى المفعول ، وهو صفة الجما أي : الجماعة الكثيرة الساترة. (وقراءة بعضهم (لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ) [المنافقون : ٨]) فأل في هذه المنصوبات كلها زائدة ؛ (لأن الحال واجب التنكير) ؛ لأن الأصل النكرة ، والمقصود بالحال تقييد الحكم المسند فقط ، ولا معنى للتعريف هناك ، فلو عرف وقع التعريف ضائعا وتلك المنصوبات التي مثل بها المصنف جميعها أحوال ، فيحكم بزيادة أل فيها لتجري على ما تقرر في الحال من وجوب تنكيرها على ما عرفت ، ولا معنى لاقتصار المصنف هنا على هذه القراءة التي حكاها ؛ فقد قرىء أيضا (لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ) بالبناء للمفعول ، وقرأ الحسن وابن أبي عبلة لنخرجن بالنون والبناء للفاعل ، ونصب الأعز والأذل حكى الزمخشري القراءات الثلاث.
قال : ومعناه خروج الأذل أو إخراج الأذل أو مثل الأذل ، والتأويل الأول خاص بالقراءة الأولى ، والثاني بالثانية والثالثة أيضا ، والثالث عام للثلاث ، وقد ذكر المصنف بعض هذا الكلام بقوله : (فإن قدرت الأذل مفعولا مطلقا على حذف مضاف أي : خروج الأذل كما قدره الزمخشري لم تحتج إلى دعوى زيادة أل) ؛ لزوال ما كان محوجا إليها وهو جعل الأول حالا ، والله أعلم بحقيقة الحال.