(أما بعد) هو من الظروف المبنية المنقطعة عن الإضافة ؛ أى : بعد الحمد والصلاة ، والعامل فيه أما لنيابتها عن الفعل ، ...
______________________________________________________
وقال الفنارى : قيد بالتشديد احترازا عن خير المقصور عن أخير أفعل تفضيل فإنه لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث لكونه فى التقدير : أفعل من ، وأفعل من لا يتصرف فيه ؛ لكونه مشابها لفظا ومعنى لأفعل التعجب غير المتصرف فيه كما يقرر فى النحو ، وهذا لا ينافى أن خيرا الواقع صفة مشبهة إذا كان مخففا يجمع على أخيار كالمشدد ، وعلى هذا ، فيقال : قول الشارح : " جمع خير بالتشديد" أى فى الحال أو فى الأصل فاندفع ما يقال : إن ظاهر كلام الشارح يقتضى أن خيرا المخفف الواقع صفة مشبهة لا يجمع على أخيار وليس كذلك. (قوله : أما بعد)" أما" هنا للفصل أى : لفصل ما بعدها عما قبلها مع التأكيد ، ووجه إفادتها للتوكيد أنك إذا أردت الإخبار بقيام زيد قلت : زيد قائم ، وإذا أردت تأكيد ذلك وأنه قائم ولا محالة قلت : أما زيد فقائم أى : مهما يكن من شىء فزيد قائم فقد علقت قيام زيد على وجود شيء فى الدنيا ، وذلك محقق والمعلق على المحقق محقق فإن قلت : إن مضمون الجزاء وهو كون علم البلاغة وتوابعها موصوفا بالأوصاف الآتية محقق لا إنكار له ، ولا شك فيه ، والتأكيد يكون لدفع الإنكار أو الشك قلت : يكفى فى صحة التأكيد الإنكار التنزيلى الادعائى على أن التأكيد قد يكون لمجرد الاعتناء بالحكم وتقريره فى النفوس كما سيأتى إن شاء الله.
(قوله : هو) أى : لفظ" بعد" هنا ، وإنما قيدنا ب" هنا" لأجل قوله : " المبنية" ، وإلا فلفظ" بعد" فى حد ذاته قد يكون معربا. (قوله : من الظروف) أى : الزمانية نظرا للنطق أو المكانية باعتبار الرقم لكن فى الثانى بعد ، وقوله : " المبنية" أى : على الضم. (قوله : المنقطعة ... إلخ) هذا إشارة لعلة البناء والمراد لانقطاعها لفظا لا معنى ، وإلا فمطلق الانقطاع لا ينتج البناء ؛ لأن الانقطاع قد يجامع الإعراب ، وحاصله أنه لما حذف المضاف إليه ونوى معناه ، وهو النسبة الجزئية ، وأدى ذلك المعنى بالمضاف ، وهو الظرف صار مشابها للحرف فى المعنى فلذلك بنى. (قوله : أى : بعد الحمد ... إلخ) أراد بالحمد هنا وفيما يأتى الثناء فتدخل البسملة فإنها من جملة الثناء ، وقد أتى بها المصنف ، (وقوله : لنيابتها عن الفعل) علة لكونها عاملة