وإذا اعتبر الحضور فى الذهن فوجه امتيازه عن تعريف العهد أن لام العهد إشارة إلى حصة معينة من الحقيقة واحدا كان أو اثنين ، أو جماعة ، ولام الحقيقة إشارة إلى نفس الحقيقة من غير نظر إلى الأفراد ؛ فليتأمل.
(وهو) أى : الاستغراق (ضربان : حقيقى) وهو أن يراد كل فرد مما يتناوله اللفظ بحسب اللغة (نحو : (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ)(١) ...
______________________________________________________
(قوله : وإذا اعتبر الحضور فى الذهن) أى : فى المعرف بلام الحقيقة (قوله : فوجه امتيازه) أى : تعريف لام الحقيقة (قوله : عن تعريف العهد) أى : الخارجى العلمى (قوله : إلى حصة معينة من الحقيقة) أى : فى الذهن ، والخارج معلومة للمخاطب (قوله : ولام الحقيقة) أى : من حيث هى ، فالقصد الفرق بين لام العهد الخارجى العلمى ، والقسم الأول من أقسام لام الحقيقة كما هو مفاد كلام الشارح فى المطول ، لا الفرق بين لام العهد الخارجى بأقسامه ، ولام الحقيقة ، بأقسامها كما قيل.
(قوله : وهو أى الاستغراق) أى : من حيث هو لا فى خصوص المسند إليه ، فلا يرد عليه أن الغيب فى المثال الأول مجرور ، والصاغة مفعول به فى المثال الثانى (قوله : وهو أن يراد إلخ) فيه أن الإرادة فعل المتكلم ، والاستغراق وصف للفظ ، وأجيب بأن الإرادة سبب للاستغراق الذى هو تناول اللفظ لكل فرد ، فهو من إطلاق السبب وإرادة المسبب (قوله : بحسب اللغة) فيه نظر ؛ لأنه يقتضى أنه إذا أريد كل فرد مما يتناوله اللفظ بحسب وضع الشرع ، أو بحسب العرف الخاص لا يكون الاستغراق حقيقيا ، وليس كذلك ، بل إذا أريد بالصلاة جميع أفرادها نظرا إلى وضع الشرع ، أو بالفاعل جميع أفراده نظرا إلى وضع النحاة يكون الاستغراق حقيقيا ، فالأولى أن يقول بحسب الوضع بدل قوله بحسب اللغة ، وقد يجاب بأنه إنما اقتصر على اللغة ؛ لأنها الأصل فلا ينافى ما قلناه وليس القصد الاحتراز عما ذكرناه. والحاصل أن ذكر اللغة إنما هو على طريق التمثيل والمراد بحسب اللغة أو الشرع أو الاصطلاح أعم من أن يكون بحسب المعنى الحقيقى أو المجازى. ا ه. عبد الحكيم.
__________________
(١) الأنعام : ٧٣.