ووضعت كنوز فرائده على طرف الثمام ...
______________________________________________________
متعلق بقوله : " قوضت" ، والخرائد : جمع خريدة وهى الحسناء من النساء ، استعارها للدقائق من المسائل بجامع الحسن والاحتجاب فى كلّ على طريق الاستعارة المصرّحة ، و" اللثام" : وهو ما يجعل على الفم من النقاب وكذلك" الوجوه" ترشيحان للاستعارة ، ثم إن اللثام يجوز أن يكون باقيا على حقيقته لم يقصد به إلا تقوية الاستعارة ، وكذلك الوجوه ، ويجوز أن يكون استعار اللثام للخفاء ، أو استعمله فى لازمه وهو الخفاء ، واستعار الوجوه لأعظم تلك الدقائق استعارة مصرحة ، وحينئذ فالمعنى : وأزلت عن أدق وأشرف مسائله الدقيقة الخفاء وألبستها ثوب الإيضاح. (قوله : ووضعت) أى وبعد ما وضعت كنوز فرائده ، الكنوز : جمع كنز بمعنى مكنوز ، وإضافته للفرائد من إضافة الصفة للموصوف أى : فرائده المكنوزة ، أى التى شأنها أن تكنز وتخبأ لعزتها كما هو الشأن فى الأموال العزيزة ، والفرائد : جمع فريدة وهى فى الأصل الدرة الثمينة أى ذات الثمن الكثير التى تحفظ فى ظرف على حدة ، ولا تخلط بغيرها من اللآلئ لشرفها ، والمراد بها هنا المسائل الدقيقة ، شبه المسائل الحسان الدقيقة بالفرائد ، واستعار الفرائد لها استعارة مصرحة.
(قوله : على طرف الثمام) متعلّق ب" وضعت" ، والمراد بطرفه حده الأعلى ، والثمام ـ بضم الثاء وفتحها ـ : نبت لطيف سهل التناول ، وما كان على طرفه يكون سهل التناول ، والمراد من هذا الكلام أنه أتى بألفاظ سهلة يفهم منها المعنى بلا مشقة ، فشبه الهيئة المنتزعة من بيان المراد بالألفاظ السهلة بالهيئة المنتزعة من حال فرائد موضوعة على طرف الثمام بجامع سهولة التناول ، واستعير المركب الدال على الهيئة المشبه بها للهيئة المشبهة على طريق الاستعارة التمثيلية ، أو الكلام كناية عن سهولة أخذها وتحصيلها وتيسر طريق الوصول إليها ؛ لأنه يلزم من وضعها على طرف الثمام ما ذكر من سهولة الأخذ والتحصيل ، ويجوز أن يكون المراد بطرف الثمام حالته ، وحينئذ فيكون الظرف متعلقا بمحذوف حالا ، أى : وضعت وألفت فرائده المكنوزة وضعا وتأليفا آتيا على حالة الثمام من سهولة التناول ، وعلى هذا الاحتمال فليس فى الكلام تجوّز ولا استعارة.