وعليه قوله تعالى : (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) ...
______________________________________________________
وتقريرا للمسند إليه وفى ذكره معها زيادتهما ، وليس كذلك ؛ لأن المسند إليه إذا دل عليه بالقرائن عند الحذف فكأنه ذكر فإذا صرح به فكأنه ذكر ثانيا ، فيحصل حينئذ زيادة الانكشاف ، وأصل التقرير الذى هو الإثبات مع التكرر لا زيادته ، وأجيب بأن قوله : والتقرير عطفا على زيادة ، أو أنه عطف على الإيضاح ، وما يراد بالتقرير مطلق الإثبات لا الإثبات مع التكرر ، فتقريره أى : تثبيته فى ذهن السامع حاصل عند الحذف لوجود القرينة المعينة له وفى الذكر زيادة ؛ لأن الدلالة اللفظية اجتمعت مع الدلالة العقلية (قوله : وعليه) أى : على ذكره لزيادة الإيضاح والتقرير جاء قوله تعالى (أُولئِكَ عَلى هُدىً)(١) إلخ أى : حيث لم يحذف فيه المسند إليه أعنى اسم الإشارة الثاني ، ويجعل هم المفلحون خبرا عن اسم الإشارة الأول بطريق العطف لأجل زيادة الإيضاح أى : الانكشاف والتقرير ، وللتنبيه على اختصاصهم بالفلاح فى الآجل كما اختصوا بالهدى فى العاجل ، فجعل كل من الأمرين فى تميزهم به عن غيرهم بمثابة ما لو انفرد أحدهما على حدة فى كفاية التمييز ، والحاصل أن تكرر أولئك أفاد اختصاصهم بكل واحد من الفلاح والهدى مميزا لهم عمن عداهم ، ولو لم يكرر وعطف قوله هم المفلحون على قوله على هدى من ربهم لاحتمل ذلك باعتبار تسلط اسم الإشارة على المعطوف ، واحتمل اختصاصهم بالمجموع ؛ لأن مع الحذف لا يتضح التكرير كمال الإيضاح فيكون المجموع هو المميز لا كل واحد فيفوت المعنى المقصود الذى أفاده التكرير ، وإنما لم يقل كقوله تعالى : لأنه ليس من قبيل ما لو لم يذكر لكان المسند إليه محذوفا ؛ لأن هم المفلحون إذا لم يذكر المسند إليه يكون معطوفا على الخبر أعنى : على هدى أو على جملة أولئك على هدى من ربهم فيكون من عطف الجمل وعلى الاحتمالين : لا حذف للمسند إليه. فتأمل.
__________________
(١) البقرة : ٥.