يعده محالا (كقولك : محبتك جاءت بى إليك) لظهور استحالة قيام المجىء بالمحبة (أو عادة) أى : من جهة العادة (نحو : هزم الأمير الجند) لاستحالة قيام هزم الجند بالأمير وحده عادة ، وإن كان ممكنا عقلا. وإنما قال : قيامه به ليعم الصدور عنه ، مثل : ضرب ، وهزم ، وغيره ، مثل : قرب ، وبعد (وصدوره) ...
______________________________________________________
محالا لئلا يرد قول الدهرى : أنبت الربيع البقل ، فإن عقل الموحد يعده محالا مع أنه حقيقة ، ولئلا يكون قول المصنف الآتى : وصدوره عن الموحد داخلا فى الاستحالة العقلية على إرادة جنس العقل فتأمل.
(قوله : يعده) أى : قيامه به (قوله : محبتك جاءت بى إليك) أصله نفسى جاءت بى إليك ؛ لأجل المحبة ، فالمحبة سبب داع إلى المجىء لا فاعل له ، فلما كانت المحبة مشابهة للنفس من حيث تعلق المجىء بكل منهما صح الإسناد للمحبة على جهة المجاز ، والقرينة الاستحالة ، لكن الاستحالة هنا ظاهرة بناء على مذهب المبرد القائل : إن باء التعدية تقتضى مصاحبة الفاعل للمفعول فى حصول الفعل ، فمعنى : ذهبت بزيد ـ صاحبت زيدا فى الذهاب ، وعلى هذا فمعنى قولك محبتك جاءت بى إليك ، أن محبتك صاحبتنى فى المجىء إليك ، ولا شك أن مجىء المحبة محال ، أما على ما قاله سيبويه من أن باء التعدية بمعنى همزة النقل ، وأن معنى ذهبت بزيد أذهبته أى : جعلته ذاهبا بمعنى : كنت سببا فى ذهابه من غير مشاركة له فى الذهاب ، إذ لا نعنى بالسبب إلا الحامل على الشىء ، فلا شك فى صحة إسناد مثل ذلك إلى المحبة ؛ لأنها تثير المجىء وتحمل عليه فلا يكون إسناد المجىء إليها مجازا ، فلعل المثال مبنى على مذهب المبرد ـ ا ه سم.
(قوله : وإنما قال قيامه به) هذا حكاية لكلام المصنف بالمعنى ، وإلا فالمصنف عبر بالاسم الظاهر ، وقصد الشارح بذلك التنبيه على أن ما ذكره المصنف فى الإيضاح من جعله جهة صدوره عنه قسيما لقيامه به حيث قال : كاستحالة صدور المسند من المسند إليه كالاتصاف أو قيامه به مما لا يجدى فائدة يعتد بها ؛ والأولى ما ارتكبه هنا. ا ه. قرمى.
(قوله : الصدور عنه) أى : عن اختيار (قوله : مثل ضرب وهزم) مثالان للصدور عنه (قوله : وغيره) أى : غير الصدور كالاتصاف (قوله : مثل : قرب وبعد) فتقول قربت