وكذا المراد بشباب الزمان زمان ازدياد قواها النامية ...
______________________________________________________
والحق عندهم أن الروح ليست شرطا للحياة ، بل للفاعل المختار أن يوجد الحياة فى أى جسم أراد ، سواء كان فيه روح أو لا ، وسواء كان فى صورة الإنسان أو لا ، كما وقع فى الجذع الذى حن للنبى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
قال بعض تلامذته : ولك أن تقول : يجوز أن الله تعالى أوجد الروح فى الجذع ، ثم اتصف بالحياة وتأمله.
(قوله : وكذا المراد) حاصله أن الشباب الذى هو المسند إليه معناه الأصلى : كون الحياة فى زمن ازدياد قوته ، وإنما سمى هذا المعنى شبابا ؛ لأن الحرارة الغريزية حينئذ تكون مشبوبة أى : مشتعلة ، وقد استعير لكون الزمان فى ابتداء حرارته الملابسة له ، وفى ابتداء ازدياد قواه بجامع الحسن فى كل من الابتداءين لما يترتب عليه من نشأة الأفراح والمحاسن ، واستعير اسم المشبه به للمشبه على طريق الاستعارة التصريحية الأصلية ـ كذا أفاد ابن يعقوب.
إذا علمت هذا فقول الشارح : وكذا المراد أى : مراد المتكلم بشباب الزمان ، وقوله ازدياد قواها النامية ـ الأولى قواه المنمية للنبات ؛ لأن الضمير راجع للزمان وهو مذكر ، إلا أن يقال أنث الضمير نظرا لكون الزمان مدة ، وفى الشيخ يس تبعا للفنرى : أن ضمير قواها راجع للأرض ، وأوردا على ذلك أن شباب الزمان يقوم به ، وازدياد القوى إنما يقوم بها لا بالزمان ، وحينئذ فلا يصح تفسير شباب الزمان بازدياد قوى الأرض ، وأجاب الشيخ يس بأن فى الكلام حذف مضاف أى : وقت ازدياد قواها ، ورد هذا الجواب : بأن الوقت لا يقوم بالزمان ، بل هو نفسه ، فكيف يفسر به شباب الزمان الذى هو وصف قائم به؟ وأجاب الفنرى بجواب غير هذا بأن يحمل الازدياد على المتعدى ؛ لأنه قد يجىء متعديا ويجعل مضافا للمفعول ، والأصل ازدياد الزمان لقواها ، وعلى هذا فمعنى قولك : أحيا الأرض شباب الزمان : أحدث نضارتها ازدياد الزمان لقواها المنمية للنبات ، ولا يخفى ما فى هذا كله من التكلف ، فالأحسن أن يفسر شباب الزمان بازدياد قوة الأرض بسبب لطافة الهواء واعتداله وانصباب القطر من السماء فى