كأنه يرميه من الضعف والجبن بحيث لو علم أن فيهم رماحا لما التفت لفت الكفاح ، ولم تقو يده على حمل الرماح على طريقة قوله :
فقلت لمحرز لمّا التقينا |
|
تنكّب لا يقطّرك الزّحام (١) |
يرميه بأنه لم يباشر الشدائد ، ولم يدفع إلى مضايق المجامع كأنه يخاف عليه أن يدس بالقوائم كما يخاف على الصبيان والنساء لقلة غنائه ...
______________________________________________________
من ذلك التهكم به (قوله : كأنه يرميه) أى : كأن الشاعر ينسبه وكأن للتحقيق أى :لأنه ومن فى قوله من الضعف بمعنى الباء (قوله : والجبن) عطف تفسير (قوله : بحيث إلخ) بدل اشتمال مما قبله (قوله : لما التفت) أى : انصرف ، وقوله قبل بكسر اللام معناه الجانب ونصبه بنزع الخافض ، والكفاح المقاتلة والمحاربة أى : لما انصرف إلى جهة القتال أى : لما ذهب إليه (قوله : على طريقة) متعلق بمحذوف صفة للتهكم أى : فى البيت تهكم آت على طريقة قوله أى : على طريقة التهكم فى قوله أى : قول أبى ثمامة البراء بن عازب الأنصارى (قوله لمحرز) هو اسم رجل من بنى ضبة وهو فى الأصل الذى يجعل الناس فى حمايته وعطفه (قوله : لما التقينا) أى : فى حال المحاربة (قوله : تنكب) مفعوله محذوف تقديره تنكب القتال مثلا أى : تجنبه وتنح وانصرف عنه ولا تقف فى هذا المحل (قوله : لا يقطرك الزحام) بجزم يقطر فى جواب الأمر والتقطير الإلقاء على الأرض على البطن ، أو على أحد الجانبين ، والمراد هنا الإلقاء عليها أى : على أى حال ، والزحام مصدر بمعنى المزاحمة أى : مزاحمة الجيوش بخيلها عند القتال (قوله : يرميه) أى : ينسبه الشاعر إلى عدم مباشرة الشدائد (قوله : ولم يدفع إلى مضايق المجامع) جمع مجمع بمعنى محل الاجتماع أى : ولم يدفع إلى المواضع الضيقة التى يجتمع فيها الناس : كمواضع الحروب ، وهذا لازم لما قبله (قوله : أن يدس) بتشديد السين من غير ألف مأخوذ من الدس وهو الإخفاء تحت التراب ، وفى بعض النسخ أن يداس بالألف مأخوذ من الدوس وهو جعل الشىء تحت الأقدام وهذه النسخة أنسب بقوله بالقوائم (قوله لقلة غنائه)
__________________
(١) لأبى ثمامة البراء بن عازب الأنصارى ، محرز : اسم رجل من بنى ضبة ، كما ذكر الدسوقى فى حاشيته على شرح السعد.