فلا يريدون فى هذا المقام الصدق الذى هو بمراحل عن اعتقادهم ، ولو قال : لأنهم اعتقدوا عدم صدقه لكان أظهر ، ...
______________________________________________________
لأن العاقل إنما يريد ما يعتقده أو يجوزه ، فالدليل الصحيح اعتقادهم عدم صدقه ، وأجيب بأن المراد بعدم اعتقادهم صدقه أنهم يبعدون عن تصديقه غاية البعد بحيث لا يجوزونه أصلا ، ولا يخطر ببالهم كما أشار له الشارح بقوله الذى هو بمراحل عن اعتقادهم ، ولا معنى لكونه بعيدا عن اعتقادهم غاية البعد إلا اعتقاد عدمه ، فقد رجع ذلك إلى قولنا لاعتقادهم عدم صدقه ولا مكان الجواب عن المصنف بما ذكر قال الشارح أظهر.
(قوله : فلا يريدون إلخ) من عطف المعلول على العلة ، وقوله فى هذا المقام أى مقام الإنكار عليه (قوله : الذى هو بمراحل إلخ) فى معنى التعليل لقوله فلا يريدون إلخ ، لأن الموصول وصلته فى حكم المشتق المؤذن تعليق الحكم بالعلية ، وفى هذا التعليل إشارة إلى أن المراد بقوله لأنهم لم يعتقدوه نفى اعتقادهم الصدق على الوجه الأبلغ فيقدم عدم تجويزهم لصدقه وعدم خطور صدقه ببالهم.
(قوله : لكان أظهر) أى : فى الدلالة على المدعى ، وهو أن المراد بالثانى غير الصدق ، وهذا يفيد أن هذا أظهر مما ذكره المصنف ، وما ذكره المصنف ظاهر أيضا.
أما الأول : فبيانه أن اعتقاد عدم الصدق مستلزم لذلك المدعى من غير واسطة ؛ لأن اعتقاد عدم الصدق إنما يصدق بنفى الصدق ولا يصدق بتجويزه ، وحينئذ فلا يوجب أن يراد بالثانى غير الصدق لصحة إرادة الصدق بناء على تجويزه كما مر.
وأما الثاني : فلما علمت أن مراد المصنف بقوله : لعدم اعتقادهم صدقة : أن الصدق بعيد عن اعتقادهم غاية البعد بحيث لا يجوزونه ، وحينئذ فلا يصح أن يراد بالثانى من شقى الترديد الصدق ، فكلام المصنف وإن أفاد المدعى بهذه المعونة إلا أن الذى قاله الشارح أظهر فى إفادة المدعى ؛ لأن أخذ هذا المعنى الذى قلناه من عبارة المصنف فيه نوع خفاء قال العلامة عبد الحكيم : لك أن تقول إن قول المصنف : لأنهم لم يعتقدوه قضية معدولة أى : إنهم موصوفون بعدم اعتقاد صدقه لاعتقادهم عدمه ، وحينئذ