ولا شك أن (المراد الثانى) أى : الإخبار حال الجنة لا قوله : (أَمْ بِهِ جِنَّةٌ) على ما سبق إلى بعض الأوهام (غير الكذب لأنه قسيمه) أى : لأن الثانى قسيم الكذب إذ المعنى : أكذب أم أخبر حال الجنة ، وقسيم الشىء يجب أن يكون غيره (وغير الصدق لأنهم لم يعتقدوه) أى : لأن الكفار لم يعتقدوا صدقه ...
______________________________________________________
(قوله : ولا شك أن المراد) أى : مراد الكفار (قوله : أى الإخبار إلخ) أى : المذكور فى قوله (أَمْ بِهِ جِنَّةٌ)(١) لأن المعنى أم أخبر حالة كونه به جنة (قوله : لا قوله أم به جنة) أى : الواقع فى الآية ، وذلك لأنه استفهام لا يوصف بالصدق ولا بالكذب ؛ لأنه تصور ونفى الشىء فرع عن صحة ثبوته (قوله : لأنه قسيمه) أى : مقابله ، وكان الأولى أن يعبر بذلك ؛ لأن التقسيم من باب التصورات وكلامنا هنا فى التصديقات ؛ لأن قولهم (أفترى على الله كذبا أم به جنة) قضية لا مفرد وكلام المصنف إشارة لقياس من الشكل الأول ، وتقريره الإخبار حال الجنة قسيم الكذب ، وكل ما كان قسيما لشىء فهو غيره ينتج الإخبار حال الجنة غير الكذب (قوله : إذ المعنى إلخ) فيه إشارة إلى أن أم فى الآية متصلة (قوله : يجب أن يكون غيره) أى : فى التحقق ، فيجب أن يكون خبره حال الجنون غير الكذب ، فتصح المقابلة على سبيل الانفصال الحقيقى (قوله : وغير الصدق) عطف على قوله غير الكذب أى : ولا شك أن مرادهم بالثانى هو الإخبار حال الجنة غير
الصدق ؛ لأنهم لم يعتقدوا صدق صلىاللهعليهوسلم لكونه عدوّا لهم ، وحينئذ فلا يصح أن يريدوا بالثانى صدقه ، واعترض على المصنف بأن قولهم : لأنهم لم يعتقدوه لا يصح أن يكون دليلا للمدعى وهو أن المراد بالثانى غير الصدق ، وبيان ذلك أن عدم اعتقادهم الصدق صادق باعتقادهم عدم صدقه وبتجويزهم لصدقه وبخلو ذهنهم عن ذلك ، وحينئذ فيصح أن يراد بالثانى الصدق بناء على تجويزهم صدقه ، وحينئذ فلا يصح الدليل فكان الأولى أن يقول : لأنهم يعتقدون عدم صدقه ، وذلك لأن اعتقاد عدم الصدق لا يصدق على تجويزه ، بل إنما يصدق بنفيه ، وحينئذ فلا تصح إرادته ؛
__________________
(١) سبأ : ٨.